الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّالِثةُ: هَل يُربَطُ المَرجومُ عِندَ رَجمِه؟


لا يُربَطُ المَرجومُ بشَيءٍ عِندَ رَجمِه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [641] ((المبسوط)) للسرخسي (9/43)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (6/ 277). ، والمالِكيَّةِ [642] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/ 320)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/ 455). ، والشَّافِعيَّةِ [643] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/ 117)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 184). ، والحَنابِلةِ [644] ((المغني)) لابن قدامة (9/ 36). ، وقد نُفيَ العِلمُ بالخِلافِ في ذلك [645] قال ابنُ قُدامةَ: (إذا كان الزَّاني رَجُلًا أُقيمَ قائِمًا، ولم يوثَقْ بشَيءٍ، ولم يُحفَرْ له، سَواءٌ ثَبَتَ الزِّنا ببَيِّنةٍ أو إقرارٍ، لا نَعلَمُ فيه خِلافًا). ((المغني)) (9/ 36). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَجُلًا مِن أسلَمَ يُقالُ له ماعِزُ بنُ مالِكٍ، أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنِّي أصَبتُ فاحِشةً، فأقِمْه عليَّ، فرَدَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِرارًا، قال: ثُمَّ سَألَ قَومَه، فقالوا: ما نَعلَمُ به بَأسًا، إلَّا أنَّه أصابَ شَيئًا يَرى أنَّه لا يُخرِجُه منه إلَّا أن يُقامَ فيه الحَدُّ، قال: فرَجَعَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأمَرَنا أن نَرجُمَه، قال: فانطَلَقنا به إلى بَقيعِ الغَرقَدِ، قال: فما أوثَقناه ولا حَفَرنا له، قال: فرَمَيناه بالعَظمِ والمَدَرِ والخَزَفِ، قال: فاشتَدَّ واشتَدَدنا خَلفَه حتَّى أتى عُرضَ الحَرَّةِ، فانتَصَبَ لنا فرَمَيناه بجَلاميدِ الحَرَّةِ -يَعني الحِجارةَ- حتَّى سَكَتَ... )) [646] أخرجه مسلم (1694). .
 وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه نَصٌّ أنَّهم لم يُوثِقوا ماعِزًا؛ مِمَّا يَدُلُّ على عَدَمِ إيثاقِ المَرجومِ [647] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/43)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 36).  .
2- عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ اليُهودَ جاؤوا إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَروا له أنَّ رَجُلًا مِنهم وامرَأةً زَنيا، فقال لهم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما تَجِدونَ في التَّوراةِ في شَأنِ الرَّجمِ؟ فقالوا: نَفضَحُهم ويُجلَدونَ، فقال عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ: كذَبتُم، إنَّ فيها الرَّجمَ، فأتَوا بالتَّوراةِ فنَشَروها، فوَضَع أحَدُهم يَدَه على آيةِ الرَّجمِ، فقَرَأ ما قَبلَها وما بعدَها، فقال له عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ: ارفَعْ يَدَك، فرَفعَ يَدَهُ فإذا فيها آيةُ الرَّجمِ! فقالوا: صَدَق يا مُحَمَّدُ، فيها آيةُ الرَّجمِ، فأمرَ بهما رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرُجِما. قال عَبدُ اللَّهِ: فرَأيتُ الرَّجُلَ يَجنَأُ على المَرأةِ يَقيها الحِجارةَ)) [648] أخرجه البخاري (3635) واللفظ له، ومسلم (1699). .    
 وَجهُ الدَّلالةِ:
انحِناءُ الرَّجُلِ على المَرأةِ ليَقيَها الحِجارةَ دَليلٌ على أنَّهما لم يُوثَقا، وإلَّا لَما استَطاعَ أن يَنحَنيَ عليها [649] يُنظر: ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (12/ 80)). .
ثالِثًا: حتَّى يَتَمَكَّنَ أن يَستَتِرَ بيَدَيه ويَدرَأَ بها عن وَجهِه إن أحَبَّ [650] يُنظر: ((المنتقى شرح الموطإ)) للباجي (7/ 134).  .

انظر أيضا: