الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّامن: مَن صلَّى مع الإمامِ، وأحبَّ متابعتَه في الوترِ، وأحبَّ أن يُوتِرَ آخِرَ اللَّيلِ


مَن صلَّى مع الإمامِ، وأحبَّ متابعتَه في الوترِ، وأحبَّ أن يوترَ آخِرَ اللَّيلِ، فإنَّه إذا سلَّمَ الإمامُ لم يسلِّمْ معه، وقام فصلَّى ركعةً أخرى يَشفَعُ بها صلاتَه مع الإمامِ ((المغني)) لابن قدامة (2/120). ، نصَّ عليه أحمدُ قال أحمد: (إنْ شاء أقام على وتر وشفَع إذا قام، وإنْ شاء صلَّى مثنى)، وقال: (ويَشفع مع الإمام بركعة أحبُّ إليَّ). انظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/121). ، وهو قولُ ابنِ باز سئل ابن باز: ( أُشاهد المصلِّين في صلاة التراويح على أقسام: قِسم يخرج قبل الشَّفع والوتر، وقسم يخرج قبل الوتر، وقسم يخرج- إذا كان يُصلِّي بالجماعة إمامان- بعد فراغ الإمام الأوَّل، وقسم عندما يُسلِّم الإمام من الوتر يقوم ويأتي بركعة يشفع بها الوتر؛ نرجو من سماحتكم الإفادةَ بالتفصيل عن هذا الموضوع، ومتى يكون الإنسانُ قام مع إمامه حتى يحصُلَ له الأجرُ الوارد في الحديث، جزاكم الله خيرًا) فأجاب: (جميع ما ذَكَره السائل جائزٌ، والأمر في ذلك واسعٌ والحمدُ لله، لكن مَن بقِي مع الإمام حتى يكمل الصَّلاة حاز الأفضليَّة، وصار كمَن قام الليلَ كلَّه؛ لقول النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «من قام مع الإمامِ حتى ينصرِفَ، كتَب اللهُ له قيامَ ليلةٍ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (30/28). , وابنِ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (... هذا هو الطريق الآخَر للمتهجِّد؛ فيتابع إمامه في الوتر، ويشفَعُه بركعةٍ؛ لتكون آخِرُ صلاته بالليل وترًا؛ فإذًا يتابع الإمامَ، فإذا سلَّم الإمامُ من الوتر قام فأتى بركعةٍ وسلَّم، فيكون صلَّى ركعتين، أي: لم يوتِرْ، فإذا تهجَّد في آخِر الليلِ أوتَرَ بعد التهجُّد، فيحصل له في هذا العَمَلِ متابعةُ الإمامِ حتى ينصرِفَ، ويحصُل له أيضًا أن يجعَلَ آخِرَ صلاتِه بالليل وترًا، وهذا عملٌ طيِّبٌ) ((الشرح الممتع)) (4/65).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنه لَمَّا صلَّى بمَكَّةَ قالَ: يا أَهلَ مَكَّةَ، أتمُّوا صلاتَكم؛ فإنَّا قومٌ سَفْرٌ )) أخرجه مالك في ((الموطأ - ت عبد الباقي)) (1/ 402) (202 )، وعبد الرزاق (4371)، وابن أبي شيبة (3861)، والطبري في ((تهذيب الآثار)) (412)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (2296). قال ابنُ حزم في ((المحلى)) (5/18): محفوظ عن عمر، وصحَّحه ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (24/125)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (8/92)، وقال الشوكاني في ((نيل الوطار)) (3/204): رجال إسناده أئمة ثقات.
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
القياسُ على مَن صلَّى مع عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه من أهلِ مَكَّةَ وأتمُّوا بعدَ سلامِه من الصلاةِ، فكانوا ينوون الأربعَ وهو ينوي ركعتينِ، فإنَّه لَمَّا جاز للمصلِّي المقيمِ أنْ يقومَ ليتمَّ صلاتَه بعدَ سلامِ الإمامِ المسافرِ الذي يُصلِّي قَصْرًا، جاز للمأمومِ أيضًا أن يقومَ بعد سلامِ إمامِه في الوِتْرِ؛ ليشفعَ صلاتَه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/65).

انظر أيضا: