موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الأوَّلُ: أحمَدُ بنُ إبراهيمَ بنِ الزُّبَيرِ (ت: 708 هـ)


أبو جَعفَرٍ أحمَدُ بنُ إبراهيمَ بنِ الزُّبَيرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ الزُّبَيرِ بنِ عاصِمِ بنِ مُسلمِ بنِ كَعبٍ، العَلَّامةُ الأندَلُسيُّ الحافِظُ الثَّقفيُّ، العاصِميُّ، المَعروفُ بابنِ الزُّبَيرِ، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ، المفسِّرُ، المُقرِئُ.
مَوْلِدُه:
وُلِد سَنةَ سبعٍ وعِشرينَ وسِتِّ مِائةٍ.
مِن مَشَايِخِه:
أبو الحَسَنِ الشَّاري، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الأزدي، وإبراهيمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الكَمالِ، وأبو الحُسَينِ بنُ السَّرَّاجِ، ومحمد بن عبد الرحمن بن جوبر.
ومِن تَلَامِذَتِه:
أبو حَيَّانَ، وأبو القاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ سَهلٍ الوَزيرُ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان أحمَدُ بنُ إبراهيمَ بنِ الزُّبَيرِ له اليَدُ الطُّولَى في عِلمِ القِراءاتِ، والعَرَبيَّةِ، والحَديثِ، حافِظًا له، مُمَيِّزًا لِصَحيحِه مِن سَقيمِه، وله مُشارَكةٌ في الفِقهِ وأصولِ الفِقْهِ، وفي عِلمِ الكَلامِ.
وكان يُحَرِّرُ اللُّغةَ، ثِقةً، قائِمًا بالأمرِ بالمَعروفِ، والنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، دامِغًا لِأهلِ البِدَعِ، وله مَعَ مُلوكِ عَصرِه وقائِعُ، وكان مُعظَّمًا عِندَ الخاصَّةِ والعامَّةِ.
عَقيدتُه:
قال ابنُ فَرحونَ: ((كان صَليبًا في الحَقِّ، شديدًا على أهلِ البِدَعِ، مُلازِمًا للسُّنَّةِ)) . وقال ابنُ حَجَرٍ: ((كان ثِقةً قائمًا بالأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ، قامِعًا لأهلِ البِدَعِ، وله مع مُلوكِ عَصْرِه وقائِعُ)) .
لكِنَّ الذي ظهر من مؤلَّفاتِه أنَّه كان أشعَريًّا، يُثبِتُ الصِّفاتِ التي أثبَتَها الأشاعِرةُ، وينفي ما سِواها؛ فمِن ذلك إنكارُه عُلُوَّ اللهِ تعالى على عَرْشِه، بقَولِه: ((ورَبُّنا المنَزَّهُ عن ذلك كُلِّه، ولكِنْ خُوطِبَ البَشَرُ على ما يتعارَفون ويجري بينهم، فلمَّا قال سُبحانَه: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54] فذكَرَ ما هو تعالى عليه مُنَزَّهًا عن الآنِيةِ والتمَكُّنِ المكانيِّ والمناسَبةِ والحُلولِ، جَلَّ وتعالى عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا)) .
وقَولُه: ((ثمَّ مِنَ المعلومِ أنَّ اسمَ الإيمانِ إنَّما يقَعُ لُغةً على التَّصديقِ، وعلى هذا يُطلِقُه الأشعَريَّةُ)) .
ومن ذلك قَولُه في تفسيرِ قَولِ اللهِ تعالى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس: 8] : ((فهو سُبحانَه أهَّلَهم للإعطاءِ والاتِّقاءِ والتصَدُّقِ، والمُقَدِّرُ للبُخلِ والاستِغناءِ والتَّكذيبِ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات: 96] ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: 23] ، ثم زاد ذلك إيضاحًا بقَولِه تعالى: إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى [الليل: 12، 13]، فتبًّا للقَدَريَّةِ والمُعتَزِلةِ: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [يوسف: 105])) .
ومنه قَولُه في إرادةِ الخَيرِ والشَّرِّ: ((إنَّ الإرادةَ تُخالِفُ الرِّضا، وإنَّ الآمِرَ قد يأمُرُ بما لا يُريدُه، وإنَّه سُبحانَه قد يريدُ إيقاعَ ما لا يرضاه، وبيان ما تُبنى عليه التَّكاليفُ وتتعَلَّقُ به الأوامِرُ والنَّواهي مِنَ القُدرةِ الكَسْبيَّةِ التي بمَعرِفَتِها وثُبوتِها حُصولُ السَّلامةِ مِن مَذهَبِ الجَبرِ، وبإنكارِها التوَرُّطُ في مَذهَبِ الاعتِزالِ أو قَولِ أهلِ القَدَرِ، وكِلا المذهَبَينِ ضَلالٌ ونُزوحٌ عن الحَقِّ)) .
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((مِلاك التأويل))، و((صلة الصِّلة))، و((البرهان في ترتيب سور القُرآنِ)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ ثمانٍ وسَبْعِ مِائةٍ. وقيل: سَنةَ سبعٍ وسَبْعِ مِائةٍ .

انظر أيضا:

  1. (1) ينظر: ((الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب)) لابن فرحون (1/ 189).
  2. (2) ينظر: ((الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)) لابن حجر (1/ 98).
  3. (3) ينظر: ((ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل)) لابن الزبير (1/ 183).
  4. (4) ينظر: ((ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل)) لابن الزبير (1/ 251).
  5. (5) ينظر: ((البرهان فى تناسب سور القرآن)) لابن الزبير الغرناطي (ص: 365).
  6. (6) ينظر: ((ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل)) لابن الزبير (2/ 439).
  7. (7) يُنظَر: ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (6/ 140)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 67)، ((الدرر الكامنة)) لابن حجر (1/ 96)، ((المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي)) لابن تغري بردي (1/ 212)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 291)، ((شذرات الذهب)) لابن العماد الحنبلي (8/ 31)، ((البدر الطالع)) للشوكاني (1/ 33)، ((الأعلام)) للزركلي (1/ 86).