موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الرَّابعُ: عَنْبَسَةُ بْن مَعْدَان (عَنْبَسَةُ الفِيلُ) (ت: حول المائةِ الأُولى)


عَنْبَسَةُ بْن مَعْدانَ المَهْرِي، وكان مَعْدَانُ رجلًا مِن أهل مَيْسَان، قَدِم البصرةَ وأقام بها، وكان يُقالُ له: مَعْدان الفِيل، فغلَب عليه اللَّقَب، ثم انتقل منه إلى ابنِه عَنْبَسَةَ.
مَنزِلتُه ومكانتُه:
كان عَنْبَسَةُ مِن البارِعين في العَرَبِيَّةِ وعُلُومِها، وكان النَّاسُ يختَلِفون إليه؛ ليأخُذوا عنه علومَ العَرَبيَّةِ.
سَبَبُ تَلْقِيبِه بالفِيل:
لُقِّب عَنْبَسَةُ واشْتَهَر بالفِيل، وسَبَبُ ذلك: أنَّه كانت لزيادِ بن أبيه فِيَلةُ يُنفِقُ عليها في كُلِّ يومٍ عَشَرةَ دراهِمَ، فأقبل مَعْدان أبو عَنْبسة، فقال: ادفَعوها إليَّ، وأكفيكم المَؤُونةَ وأعطيكم عَشَرةَ دراهِمَ في كلِّ يومٍ، فدفعوها إليه، فَأثْرَى وابتنَى قَصْرًا، ونشَأ له ابنٌ يُقال له: عَنْبَسَة، فروى الأشعارَ وظَرُف وفَصُح، ورَوَى شِعرَ جَرِيرٍ والفَرَزْدَق، وانْتَمَى إلى بني أبي بكرِ بنِ كلابٍ. فقيل للفرزْدَق: هاهنا رجلٌ من بني أبي بكرِ بنِ كِلابٍ يرْوي شِعرَ جريرٍ ويفضِّله عليك ووصفوه له، فقال: رجلٌ من بني أبي بكرِ بنِ كِلابٍ على هذه الصِّفةِ لا أعرِفُه، فأُروني داره، فأرَوه، فقال: هذا ابنُ مَعْدانَ المَيْساني، ثم قصَّ قصَّتَه وأنشد:
لقدْ كان في مَعْدَانَ والفِيل زاجِرٌ
لعَنْبَسَةَ الرَّاوي علَيَّ القَصائدَا
فرُويَ البيتُ بالبصرةِ، ولَقِي عَنْبَسَةُ أبا عُيَيْنَة بن المهلبِ، فقال له أبو عُيَيْنَة: (ما أراد الفرزدقُ بقَولِه:
لقدْ كان في مَعْدَانَ والفيل زاجِرٌ؟
فقال: إنما قال:
لقد كان في مَعْدَانَ واللُّؤم زاجِرٌ
قال أبو عُيَيْنَة: وأبيك، إنَّ شيئًا فررتَ منه إلى اللُّؤمِ لَعظيمٌ!).
مِن مشايخِه:
أبو الأَسْوَدِ الدُّؤَلي.
ومِن تَلامِذَتِه:
ميمونُ الأقرَنُ، وقيل: إنَّ عَنْبَسةَ ومَيمونًا أقرانٌ، وفي كتُبِ التراجِمِ خلافٌ؛ تارةً يُذكَرُ ميمونٌ على أنَّه شيخُ عَنْبَسةَ، وتارةً العكس.
وفاتُه:
عَاصَر الفرزدَقَ المُتَوَفَّى سَنةَ أربَعَةَ عَشَرَ ومِائةٍ؛ فلعلَّ وفاتَه كانت حوْلَ المائةِ الأُولى من الهِجرةِ [14] يُنظَر: ((أخبار النحويين البصريين)) للسيرافي (ص 19)، ((نزهة الألباء في طبقات الأدباء)) لكمال الدين الأنباري (ص 22)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحَمَوي (5/ 2132)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (2/ 381)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (165)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 233). .

انظر أيضا: