موسوعة اللغة العربية

تمهيدٌ: اللُّغاتُ الَّتي أخَذَ عنها العَرَبُ


تَعدَّدَتِ اللُّغاتُ الَّتي اقْتَرَضَتْ مِنها اللُّغةُ العَربيَّةُ، مِن لُغاتٍ سامِيَّةٍ، كاللُّغةِ الآراميَّةِ والحَبَشيَّةِ، ومِن لُغاتٍ غيْرِ سامِيَّةٍ، كالفارِسيَّةِ واليونانيَّةِ واللَّاتينيَّةِ، وثَمَّةَ ضابِطٌ في تَحْقيقِ أيِّ اللُّغتَينِ -العَربيَّةِ واللُّغةِ المُقْترَضِ مِنها- أخَذَتْ مِن الأُخرى.
- فإذا وَجَدْنا كَلِمةً عَربيَّةً تُساوي كَلِمةً في لُغةٍ غيْرِ سامِيَّةٍ (فارِسيَّةٍ مَثَلًا)، فلا يَخرُجُ الأمْرُ عن احْتِمالَينِ؛ إمَّا أن تكونَ العَربيَّةُ أخَذَتْها مِن الفارِسيَّةِ أو العَكْسُ.
- وإذا وَجَدْنا كَلِمةً عَربيَّةً ساوَتْ كَلِمةً في لُغةٍ سامِيَّةٍ (الحَبَشيَّةِ مَثَلًا) فثَمَّةَ احْتِمالاتٌ:
إمَّا أن تكونَ اللُّغتانِ قد أخَذَتْهما مِن أمِّهما، والكَلِمةُ سامِيَّةُ الأصْلِ، وهذا الاحْتِمالُ الأقْرَبُ.
وإمَّا أن تكونَ العَربيَّةُ قد أخَذَتْها عنِ اللُّغةِ السَّاميَّةِ الأُخرى أو العَكْسُ.
ولمَعْرفةِ ذلك لا بُدَّ مِن تَحْقيقِ لَفْظِ الكَلِمةِ ومَعْناها، وكَيْفيَّةِ اسْتِعمالِها في اللُّغتَينِ، والعَلاقاتِ بيْنَها وبيْنَ سائِرِ ألْفاظِها، وأهَمُّ الحُجَجِ الَّتي يُعتَمَدُ عليها لنَنسُبَ أصْلَ الكَلِمةِ لأيِّ لُغةٍ مِن اللُّغتَينِ: الاشْتِقاقُ، فإذا كانَ ثَمَّةَ اشْتِقاقٌ ظاهِرٌ للكَلِمةِ في إحدى اللُّغتَينِ معَ عَدَمِ ذلك الاشْتِقاقِ في اللُّغةِ الأُخرى، عَرَفْنا أنَّ اللَّفْظَ أصْلُه في اللُّغةِ الَّتي يُوجَدُ له فيها اشْتِقاقٌ ظاهِرٌ، وأنَّه دَخَلَ مِنها إلى اللُّغةِ الأُخرى؛ مِثلُ: (حَواريُّونَ): كَلِمةٌ بِناؤُها غيْرُ مَألوفٍ في العَربيَّةِ، فلا يُمكِنُ اشْتِقاقُها مِن (حار)؛ لأنَّ أقْرَبَ مَعْنًى مِن مَعاني هذه المادَّةِ في العَربيَّةِ إلى لَفْظِ (الحَواريِّينَ) هو الرُّجوعُ، وهو بَعيدٌ كلَّ البُعْدِ عن مَعْناها في الحَبَشيَّةِ -وهي اللُّغةُ الَّتي دَخَلَ مِنها اللَّفْظُ للعَربيَّةِ- وهو السَّيْرُ والمَشْيُ [259] يُنظر: ((التَّطوُّر النحوي)) لبرجشتراسر (ص: 218، 219). .

انظر أيضا: