موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ السَّابع: (حتى)


يُنصَب الفِعْلُ المضارع بعد (حتى) الجارَّةِ بـ(أنْ) المضمَرةِ وُجوبًا، ويكونُ المَصْدَرُ المُؤَوَّلُ من (أنْ) والفِعْل في مَحَلِّ جَرٍّ بـ(حتى).
ومعناها إذا نُصِب الفِعْلُ المضارعُ بَعْدَها هو العِلَّةُ والسَّبَبُ؛ تَقولُ: أَسْلِمْ حتى تَدخُلَ الجنَّةَ، وذاكرتُ حتى أتفوقَ في الامتحانِ، ومنه قَولُه تعالى: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا [المنافقون: 7] ، أي: لِيَنْفَضُّوا.
وقد تكونُ للغايةِ؛ تَقولُ: أذاكِرُ حتى تطلعَ الشَّمسُ، ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
ليس العَطاءُ من الفُضولِ سَماحةً
حتى تجودَ وما لديك قَليلُ
وقد تحتَمِلُ الغايةَ أو التعليلَ، كقَولِه تعالى: فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات: 9] ، أي: إلى أنْ تَفِيءَ، أو لِتَفِيءَ.
ويُشترَطُ في نصبِ الفِعْلِ بَعْدَها أن يكونَ مُسْتقبلًا، فإن كان الفِعْلُ المضارعُ بعد (حتى) يُرادُ به الحالُ لا الاستقبالُ، فهي حرفُ ابتداءٍ؛ فلا تَنصِبُ، كقَولِك: ضُرِب أمسِ حتى لا يستطيعُ أن يتحرَّك اليومَ، وسرتُ البارحةَ حتى أدخُلُ القريةَ الآنَ.
وإن كان الاستِقبالُ بالنِّسبةِ إلى ما قَبْلَها فقطْ، جاز النَّصبُ وجاز الرَّفعُ؛ فالنَّصبُ باعتبارِ استقبالِ الفِعْلِ بالنِّسبةِ إلى ما قَبْلَه، وبالرَّفعِ على عدَمِ تقديرِ "أن"، باعتبارِ أنَّ الفِعْلَ ليس مُستَقبَلًا حقيقةً، كقَولِه تعالى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ [البقرة: 214] ؛ حيث قرأ نافع: "يقولُ" بالرَّفعِ؛ لأنَّ قَولَ الرَّسولِ وقع قبل حكايةِ قَولِه، فهو ماضٍ بالنِّسبةِ إلى وَقتِ التكلُّمِ؛ لأنَّه حكايةُ حالٍ ماضيةٍ، و"أن" لا تدخُلُ إلَّا على المُستَقبَلِ، وقرأ الجُمهورُ بالنَّصبِ، باعتبارِ استِقبالِ الفِعْلِ بالنِّسبةِ إلى ما قَبْلَه؛ لأنَّ زِلزالَهم سابقٌ على قَولِ الرَّسولِ، والتقديرُ: إلى أنْ يقولَ يُنظَر: ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 131). .
وعلامةُ ما يدُلُّ على الحالِ أن يَقبَلَ الفاءَ العاطِفةَ؛ تَقولُ: سألتُ عن فلانٍ فلا أحتاجُ إلى السُّؤالِ، وسِرتُ البارِحةَ فأدخُلُها الآنَ يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (3/ 1248)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (2/ 777). .

انظر أيضا: