موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الرابعُ: نوعا المَجازِ


يَنْقسِمُ المَجازُ بحسَبِ العَلاقةِ بَيْنَ المَعْنى الحَقيقيِّ والمَعْنى الجَديدِ إلى: المَجازِ المُرسَلِ والاسْتِعارةِ؛ فإنْ كانتِ العَلاقةُ بينَهما عَلاقةَ تَشْبيهٍ فهُو اسْتعارَةٌ، وإنْ كانتِ العَلاقةُ شيئًا آخَرَ كان مَجازًا مُرسَلًا.
فإذا قلتَ: رأيتُ أسدًا في المَعْركةِ، كان المَجازُ الواقِعُ في تَشْبيهِك البطَلَ بالأسدِ اسْتِعارةً؛ لأنَّ العَلاقةَ بَيْنَ الأسدِ الحَقيقيِّ والأسدِ المَقْصودِ هنا (وهُو الجُنديُّ البطَلُ) هي عَلاقةُ التَّشْبيهِ؛ فالأسدُ والبَطلُ يَتَشابهانِ في صِفاتِ الجُرأةِ والشَّجاعةِ والقوَّةِ والإقْدامِ.
أمَّا إذا قلتَ: لفُلانٍ علينا يدٌ، تُريدُ: نِعْمَة، فهذه العَلاقةُ عَلاقةُ السَّببيَّةِ؛ فإنَّ اليدَ سَببُ النِّعْمةِ، فهذا مَجازٌ مُرسَلٌ لا اسْتِعارةٌ.
ويَنقسِمُ المجازُ بحسَبِ الاستعمالِ اللُّغويِّ والإسناديِّ إلى:
1- مَجازٍ لُغويٍّ: وهو الكلمةُ المستعملةُ في غيرِ ما وُضِعَت له لعَلاقةٍ ما مع قَرينةٍ مانعةٍ مِن إرادتهِ المعنى الأصليَّ.
2- مَجازٍ عَقليٍّ: وهو إسنادُ الفعلِ أو ما في معناه إلى غيرِ ما هو له، مِثلُ: أنبَتَ الرَّبيعُ الزَّهرَ، وسار بي الشَّوقُ، ورَبِحَتْ تِجارةُ فُلانٍ.
كما يَنقسِمُ كذلك بحسَبِ الإفرادِ والتَّركيبِ إلى:
أ- مَجازٍ مُفرَدٍ: وهو الذي يَنقسِمُ إلى استعارةٍ ومَجازٍ مُرسَلٍ. وسيأتي بيانُهما.
ب- مَجازٍ مركَّبٍ: ويَنقسِمُ إلى:
* استعارةٍ تَمثيليَّةٍ، مِثلُ قولِك للإنسانِ المُتردِّدِ في أمرٍ: أراكَ تُقَدِّمُ رِجلًا وتُؤخِّرُ أخرى؛ أي: أراك في تردُّدِك كالذي يُقَدِّمُ رِجلًا ويُؤخِّرُ أُخرى.
* مَجازٍ مُركَّبٍ مُرسَلٍ: وهو الكلامُ المركَّبُ المستعمَلُ في غيرِ ما وُضع له لعَلاقةٍ غيرِ المُشابَهةِ، ويَقَعُ في المركَّباتِ الخبريَّةِ والإنشائيَّةِ، كقولِ الشَّاعرِ:
ذَهَب الصِّبا وتَوَلَّت الأيَّام
حيث يَقصِدُ التَّحسُّرَ على الشَّبابِ، ومنه قولُ يَعقوبَ عليه السَّلامُ: هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ [يوسف: 64] ؛ فإنَّ المقصودَ منه إظهارُ عدَمِ الاعتمادِ. وسيأتي تَفصيلُ جميعِ ذلك.

انظر أيضا: