موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّامِنُ: قَلْبُ الياءِ واوًا


تُقلَبُ الياءُ واوًا في أرْبعِ مَسائِلَ [1706] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 724). :
المَسألةُ الأُوْلى: تُقلَبُ الياءُ واوًا إذا كانتِ الياءُ ساكِنةً غيرَ مُشدَّدةٍ في غيرِ جَمْعٍ، سَواءٌ أكانت في اسمٍ، مِثْلُ: مُوقِن ومُوسِر وأصْلُهما: مُيْقِن ومُيْسِر، أم في فِعلٍ، مِثْلُ: يُوقِن ويُوسِر، وأصْلُهما: يُيْقِن ويُيْسِر، قُلِبتِ الياءُ واوًا لسُكونِها وانْضمامِ ما قبلَها [1707] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 724). .
ويَجبُ التَّصحيحُ إذا كانتِ الياءُ:
- مُتَحرِّكةً؛ لقُوَّتِها بالحَرَكةِ، واحْتمائِها بها، فلا يَقوى عليها الإبْدالُ، مِثْلُ: هُيَام.
- مُشدَّدةً، مِثْلُ قولِهم: حُيَّض، وإنْ بَنيتَ مِنَ البَيع على مِثالِ: حُيَّاض، تقولُ: بُيَّاع؛ لأنَّ الضَّمَّةَ قبلَها لا تُؤثِّرُ في قلْبِها واوًا وهِيَ مُحَصَّنةٌ بالإدْغامِ.
- في جَمْعٍ، وفي تلك المَسألةِ يَجبُ قلْبُ الضَّمَّةِ كسْرةً لاسْتِثقالِ الضَّمَّةِ والياءِ واسْتِثقالِ بِناءِ الجَمْعِ، مِثْلُ: هُيَّم جَمْعُ: أهْيَم وهَيْماء، وبُيَّض جَمْعُ: أبْيَض وبَيْضاء [1708] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 724، 725). .
المَسألةُ الثَّانيةُ: تُقلَبُ الياءُ واوًا إذا وقعتِ الياءُ بعدَ ضمَّةٍ، وهِيَ:
- لامُ فِعْل، مِثْلُ: نهُوَ الرَّجلُ وقَضُوَ في التَّعجُّبِ مِنَ النُّهْيَة (العَقْل) والقَضَاء، أيْ: ما أنْهاهُ، وما أقْضاهُ! أُبدِلَتِ الياءُ واوًا لِوُقوعِها بعدَ ضَمَّةٍ.
- لامُ اسمٍ مَخْتومٍ بِتاءِ التَّأنِيثِ اللَّازِمةِ، أيْ: تاءُ التَّأنِيثِ بُنِيتْ عليها الكَلِمةُ ولا تُفارِقُها، مِثْلُ: مَرْمُوَة، الأصْلُ: مَرْمُيَة؛ قُلِبتِ الياءُ واوًا لِوُقوعِها بعدَ ضمَّةٍ، فإنْ أُدْخلتِ التَّاءُ بعدَ بِناءِ الكَلِمةِ، فيَجبُ قلْبُ الضَّمَّةِ كسْرةً لِتَسلَمَ الياءُ، مِثْلُ: توانى توانِيَة، فإنَّ الأصْلَ: توانِيًا، أُبدِلَتْ ضمَّةُ النُّونِ كسْرةً لِتَسلَمَ الياءُ، ثُمَّ طرَأتِ التَّاءُ لِتُفيدَ مَعنى الوَحْدةِ بعدَ الإعْلالِ (قلْبُ الضَّمَّةِ كسْرةً).
- لامُ اسمٍ مَخْتومٍ بالألِفِ والنُّونِ الزَّائِدتَين كما لو بَنيتَ مِنَ الرَّمْيِ مِثالَ: سَبُعان؛ تقولُ: رَمُوَان، والأصْلُ: رَمُيَان [1709] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 725). .
المَسألةُ الثَّالِثةُ: تُقلَبُ الياءُ واوًا إذا كانتِ الياءُ المَضْمومُ ما قبلَها عَينًا لـ(فُعْلى) اسمًا أو صِفةً جارِيةً مَجرَى الاسمِ؛ فمِثالُ الاسمِ: طُوبَى إنْ عَدَدْناها مَصْدَرًا كالرُّجْعى، أو اسمًا للجَنَّةِ، ومِثالُ الصِّفةِ الجارِيةِ مَجرَى الأسماءِ: الطُّوبى إنْ عَدَدْناها مُؤَنَّثًا لِـ(الأطْيبِ)، والكُوسى مُؤَنَّث: الأكْيسِ، والخُورى مُؤَنَّثُ الأخيَرِ، والأصْلُ في الصِّفاتِ الثَّلاثةِ: طُيْبَى وكُيْسَى وخُيْرَى، فيكونُ حقُّه قلْبَ الياءِ واوًا، والسَّببُ في جَريانِها مَجْرى الأسْماءِ أنَّها لم تَتمكَّن في بابِ الوصْفيَّةِ، فهِيَ لا تكونُ وصْفًا بِغيرِ الألِفِ واللَّامِ؛ لأنَّها لا تُستعمَلُ معَ (من)؛ لِذا جَرَتْ مَجْرى الأسْماءِ، ويدُلُّ على جَريانِها مَجْرى الأسْماءِ أيضًا أنَّ أفْعلَ التَّفضيلِ يُجمَعُ على (أفَاعِل) كما يُقال في: أفْكَل أفاكِل [1710] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 364)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 135). .
فإنْ كانتِ الياءُ المَضْمومُ ما قبلَها عَينًا لـ(فُعْلَى) صِفةً مَحْضةً، فإنَّ الياءَ لا تُقلَبُ واوًا، ويَجبُ قلْبُ الضَّمَّةِ قَبْلَ الياءِ كسْرةً لِتَسلَمَ الياءُ مِنَ القلْبِ إلى الواوِ؛ وإنَّما فعلوا ذلك للتَّفرِقةِ بينَ الاسمِ والصِّفةِ؛ وجاء ذلك في كَلِمتَين؛ هُما: حِيْكَى مِن حاك يَحِيكُ: إذا تَبخْترَ في مِشيَتِه، وضِيْزَى، مِن ضاز يَضِيز: أيْ: جار؛ قال تعالى: قِسْمَةٌ ضِيزَى [النَّجم: 22] ، أيْ: جائِرةٌ، فإنَّ أصْلَهما (حُيكَى وضُيزَى)، واسْتدلَّ سِيبَوَيهِ على أنَّهما على وَزْنِ (فُعْلَى) أنَّ وَزْنَ (فِعْلَى) لا يكونُ صِفةً [1711] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 364). ، إلَّا قولَهم: عِزْهاة؛ للرَّجلِ الَّذي لا يَطْرَبُ للَّهوِ [1712] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 135، 136)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 727، 728). .
فَوائِدُ:
في (فُعْلَى) الصِّفةِ المَحْضةِ تُقلَبُ الضَّمَّةُ كسْرةً؛ لِتصحَّ الياءُ، ولأنَّهم قَصدوا التَّفرِقةَ بينَ الاسمِ والصِّفةِ، فالصِّفةُ أثْقلُ والتَّخفيفُ بها أَوْلى، فجعَلوا قلْبَ الياءِ السَّاكِنةِ واوًا في الاسمِ، مِثْلُ: طُوبَى وكُوسَى، وجعَلوا قلْبَ الضَّمَّةِ كسْرةً في الصِّفةِ، قالوا: ضِيزى؛ تَفرِقةً بينَ الاسمِ والصِّفةِ.
في طُوبى: إمَّا أنْ تكون مَصْدَرًا كالرُّجْعَى، أوِ اسمًا للجَنَّةِ، وإمَّا أنْ تكونَ مُؤَنَّثَ الأطْيبِ، فيكونَ حقُّه قلْبَ الياءِ واوًا (الطُّوبَى) ويَجري مَجْرى الأسْماءِ الَّتي لا تكونُ وصْفًا بغيرِ الألِفِ واللَّامِ [1713] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 135). .
المَسألةُ الرَّابعةُ: تُقلَبُ الياءُ واوًا في اسمٍ على وَزْنِ (فَعْلَى) اليائيِّ، مِثْلُ: تَقْوَى وبَقْوى -بِمَعنى الإبْقاء- وشَرْوَى -مِن شريتُ، بِمَعنى المِثْل- وفَتْوَى، والأصْلُ: تَقْيَى وبَقْيَى وشَرْيَى وفَتْيَى، ولا تُقلَبُ في الصِّفةِ، بل تَبقَى الياءُ، مِثْلُ: صَدْيَا ورَيَّا؛ لِلتَّفرِقةِ بينَ الاسمِ والصِّفةِ [1714] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 389)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 726). .
فإنْ كان اللَّفظُ على (فَعْلَى) واويًّا فلا تُقلَبُ واوُه ياءً لا في الاسمِ، مِثْلُ: دَعْوى وفَتْوى، ولا في الصِّفةِ مِثْلُ: شَهْوَى؛ لاعْتدالِ أوَّلِ الكَلِمةِ وآخِرِها بالفَتْحةِ والواوِ فلو قُلِبتْ ياءً لصار طَرَفا الكَلِمةِ خَفيفَين [1715] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 389) ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 177). .
قال ابنُ مالِكٍ [1716] يُنظر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (4/ 2121). وابنُه (ابنُ النَّاظِمِ) [1717] يُنظر: ((شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 606). بِشُذوذِ كَلِماتِ: (سَعْيَى) اسمًا لمَكانٍ، و(رَيَّا) من الرِّيِّ اسمًا للرَّائِحةِ، وطَغْيَى اسمًا لوَلَدِ البَقَرةِ الوحْشيَّةِ؛ فهذه الأسْماءُ كان حقُّها الإعْلالَ، وتَعقَّبه ابنُ هِشامٍ فذكَر أنَّ (سَعْيَا) أوَّلَه الفارِسيُّ على أنَّه اسمٌ مَنْقولٌ مِن صِفةٍ، مِثْلُ: خَزْيَا مِنَ الخِزيِ، وأمَّا (رَيَّا) فقد ذكَر أنَّ سِيبَوَيهِ وغيرَه يَرونه صِفةً غلَبت عليها الاسْميَّةُ فلا شُذوذَ فيه، والأصْلُ: رائِحةٌ ريَّا: أيْ: مَمْلوءةٌ طِيْبًا [1718] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 389). ، وأمَّا (طَغْيَى) فإنَّ الأصْلَ فيه بِضمِّ الطَّاءِ (طُغْيَى)، فلمَّا فتَحوا للتَّخفيفِ تركوه على حالِه مِنَ التَّصحيحِ ولم يُعِلُّوه [1719] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 726، 727). .

انظر أيضا: