الْوَلِيُّ وَالمَوْلَى (الْوَلايَةُ وَالمُوَالاةُ)
يُوصَفُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأنَّه وَلِيُّ الذين آمَنوا ومولاهم، و(الوَلِيُّ) و(المَوْلَى): اسمانِ للهِ تعالى، ثابتانِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ: 1- قولُه تَعالَى:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: 257] .
2- قَولُه:
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ [محمد: 11] .
والآياتُ في ذلك كثيرةٌ جدًّا.
الدَّليلُ: 1- حديثُ زيدِ بنِ أَرقمَ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا:
((... اللهمَّ آتِ نفْسِي تَقواها، وزَكِّها أنتَ خيرُ مَن زكَّاها، أنتَ وليُّها ومَولاها... ))
.
2- قولُ
الزُّبَيرِ لابنِه
عبدِ اللهِ يومَ الجملِ: (يا بُنيَّ، إنْ عجزتَ عن شيءٍ منه يعني: دَيْنَه؛ فاستعِنْ عليه بمَولاي، قال: فواللهِ ما دَرَيْتُ ما أرادَ حتى قلتُ: يا أبتِ، مَن مولاك؟ قال: اللهُ! قال: فواللهِ ما وقعتُ في كُربةٍ مِن دَينِه إلَّا قلتُ: يا مولَى
الزُّبيرِ، اقضِ عنه دَينَه فيَقضِيه...)
.
قال
ابنُ جريرٍ في تفسيرِ قَولِه تعالى:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا [البقرة: 257] : (نصيرُهم وظهيرُهم؛ يتولَّاهم بعونِه وتوفيقِهـ)
.
وقال
الزَّجَّاجُ: (الوَلِيُّ هو فَعيلٌ من الموالاةِ، والوَلِيُّ: النَّاصِرُ، وقال اللهُ تعالى
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وهو تعالى ولِيُّهم بأن يتولَّى نَصْرَهم وإرشادَهم، كما يتولَّى ذلك من الصَّبِيِّ وَلِيُّه، وهو يتولَّى يومَ الحِسابِ ثوابَهم وجزاءَهم)
.
وقال
الزَّجَّاجيُّ: (اللهُ عَزَّ وجَلَّ وَلِيُّ المؤمنينَ، أي: ناصِرُهم ومُصلِحُ شُؤونِهم والمُثني عليهم، كما قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ [البقرة: 257] ، وقال:
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [الأعراف: 196] إلى غيرِ ذلك مِنَ الآياتِ)
.
وقال أيضًا: (المولى في كلامِ العَرَبِ على وُجوهٍ: المولى: النَّاصِرُ، والمولى: المنعِمُ، والمولى: المنعَمُ عليه، والمرادُ به في الآيةِ يجوزُ أن يكونَ النَّاصِرَ، فقيل: يا نِعْمَ المولى ويا نِعْمَ النصيرُ، والنَّصيرُ والنَّاصِرُ والمولى سَواءٌ، فجاز الجمعُ بينهما؛ لاختلافِ الألفاظِ)
.
وقال
الخطَّابيُّ: (الوَلِيُّ: هو النَّاصِرُ، ينصُرُ عِبادَه المؤمنينَ، كقَولِه سُبحانَه:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: 257] ، وكقَولِه تعالى:
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ [محمد: 11] المعنى: لا ناصِرَ لهم. واللهُ أعلَمُ. والوَلِيُّ أيضًا المتولِّي للأمرِ والقائِمُ به؛ كوَليِّ اليتيمِ، ووليِّ المرأةِ في عَقدِ النِّكاحِ عليها، وأصلُه مِن الوَلْيِ؛ وهو القُرْبُ)
.
وقال أيضًا: (والمولى: النَّاصِرُ والمُعينُ، وكذلك النَّصيرُ؛ فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ، كما تقولُ: قديرٌ وقادِرٌ، وعليمٌ وعالمٌ، كقَولِه تعالى:
وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج: 78] )
.
وقال الحليميُّ: (منها الوَليُّ: وهو الوالي، ومعناه مالِكُ التَّدبيرِ؛ ولهذا يقالُ: للمقيمِ على اليتيمِ وَلِيُّ اليتيمِ، وللأميرِ الوالي)
.
وانظُرْ كلامَ ابنِ أبي العزِّ الحنفيِّ في صِفة (الغَضَب) في
((شَرحِ العقيدةِ الطَّحاويَّةِ)).
وممَّن أَثبَتَ اسمَ (الْوَلِيِّ) للهِ عزَّ وجلَّ:
الخطَّابيُّ
، و
ابنُ مَنْدَه
، و
ابنُ حزمٍ
، و
ابنُ حَجرٍ
.
وممَّن أَثبَتَ اسمَ (الْمَوْلَى) للهِ عزَّ وجلَّ:
الخَطَّابيُّ
، و
ابنُ حَجرٍ
، و
ابنُ عُثَيمين
.