الموسوعة العقدية

الفَرعُ الثَّالث: مِن مَراتِبِ شَهادةِ لا إلهَ إلَّا اللهُ: الإعلامُ والإخبارُ

ومَرتبةُ الإعلامِ والإخبارِ نوعان:
1- إعلامٌ بالقَولِ.
2- إعلامٌ بالفِعلِ.
فشَهادةُ الرَّبِّ عزَّ وجَلَّ تكونُ بقَولِه تارةً، وبفِعْلِه تارةً أُخرى، فتتطابَقُ شَهادةُ القَولِ وشَهادةُ الفِعلِ.
والقَولُ هو ما أرسَلَ به رُسُلَه، وأنزَلَ به كُتُبَه، وجميعُ الرُّسُلِ قد أخبَرَوا عن الله أنَّه شَهِدَ لنَفْسِه بأنَّه لا إلهَ إلَّا هو.
وأمَّا بَيانُه وإعلامُه بفِعْلِه فهو ما تضَمَّنَه خَبَرُه تعالى عن الأدِلَّةِ الدَّالَّةِ على وَحدانيَّتِه، التي تُعلَمُ دَلالتُها بالعَقلِ والفِطرةِ، وهذا أيضًا يُستعمَلُ فيه لَفظُ الشَّهادةِ، كما يُستعمَلُ فيه لفظُ الدَّلالةِ والإرشادِ والبَيانِ، وقد يكونُ البَيانُ بالفِعلِ أظهرَ وأبلَغَ، وقد يُسَمَّى شاهِدُ الحالِ نُطقًا وقَولًا وَكلامًا؛ لقيامِه مَقامَه وأدائِه، ويُسَمَّى هذا شهادةً أيضًا، كما في قَولِه تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ [التوبة: 17] [667] يُنظر: ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/421). .
قال ابنُ القَيِّمِ: (المقصودُ: أنَّ اللهَ سُبحانَه يَشهَدُ بما جَعَل آياتِه المخلوقةَ دالَّةً عليه؛ فإنَّ دَلالتَها إنَّما هي بخَلْقِه وجَعْلِه، ويَشهَدُ بآياتِه القَوليَّةِ الكَلاميَّةِ المطابِقةِ لِما شَهِدَت به آياتُه الخَلْقيَّةُ، فتتطابَقُ شَهادةُ القَولِ وشَهادةُ الفِعلِ، كما قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت: 53] ، أي: أنَّ القُرْآنَ حَقٌّ، فأخبَرَ أنَّه يدُلُّ بآياتِه الأُفُقيَّةِ والنَّفسيَّةِ على صِدقِ آياتِه القَوليَّةِ الكَلاميَّةِ، وهذه الشَّهادةُ الفِعليَّةُ قد ذكَرَها غيرُ واحِدٍ مِن أئمَّةِ العَربيَّةِ والتَّفسيرِ؛ قال ابنُ كَيْسانَ: شَهِدَ اللهُ بتدبيرِه العَجيبِ وأمورِه المُحكَمةِ عِندَ خَلْقِه: أنَّه لا إلهَ إلَّا هو) [668] يُنظر: ((مدارج السالكين)) (3/ 422). ويُنظر: ((شرح الطحاوية)) لابن أبي العز (1/ 45). .
وهكذا على المُسلمِ أن يَشهَدَ للهِ بالأُلوهيَّةِ، وأنْ يَعبُدَ اللهَ سُبحانَه وَحْدَه؛ فعِبادتُه للهِ وَحْدَه شَهادةٌ منه بتفَرُّدِه بالعِبادةِ دُونَ ما سِواه، وأنْ يُخبِرَ النَّاسَ بهذهِ الشَّهادةِ.

انظر أيضا: