الموسوعة العقدية

الفَرعُ الأوَّلُ: مِن مَراتِبِ شَهادةِ لا إلهَ إلَّا اللهُ: العِلْمُ

إنَّ الشَّهادةَ بالحَقِّ تتضَمَّنُ العِلْم قطعًا، وإلَّا كان الشَّاهِدُ شاهِدًا بما لا عِلْمَ له به.
قال اللهُ تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف:86] .
قال ابنُ جريرٍ: (إنَّ اللهَ تعالى ذِكْرُه أخبَرَ أنَّه لا يملِكُ الذين يَعبُدُهم المُشْرِكون من دونِ اللهِ الشَّفاعةَ عِندَه لأحَدٍ، إلَّا مَن شَهِدَ بالحَقِّ، وشَهادتُه بالحَقِّ: هو إقرارُه بتوحيدِ اللهِ، يعني بذلك: إلَّا من آمَنَ بالله، وهم يَعلَمونَ حقيقةَ توحيدِه، ولم يَخصُصْ بأنَّ الذي لا يملِكُ مِلكَ الشَّفاعةِ منهم بعضُ من كان يُعبَدُ مِن دونِ اللهِ، فذلك على جميعِ من كان تَعبُدُ قُرَيشٌ مِن دُونِ اللهِ يومَ نَزَلت هذه الآيةُ، وغَيرُهم، وقد كان فيهم من يَعبُدُ مِن دونِ اللهِ الآلِهةَ، وكان فيهم من يَعبُدُ مِن دُونِه الملائكةَ وغَيرَهم، فجَميعُ أولئك داخِلونَ في قَولِه: ولا يَمْلِكُ الَّذِينَ يدعو قُرَيشٌ وسائِرُ العَرَبِ مِن دونِ اللهِ الشَّفاعةَ عِندَ اللهِ، ثم استثنى جَلَّ ثناؤُه بقَولِه: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف: 86] وهم الذين يَشهَدونَ شَهادةَ الحَقِّ، فيُوحِّدونَ اللهَ، ويُخلِصونَ له الوَحْدانيَّةَ، على عِلمٍ مِنهم ويقينٍ بذلك أنَّهم يَملِكونَ الشَّفاعةَ عِندَه بإذنِه لهم بها، كما قال جَلَّ ثناؤُه: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء: 28] ) [658] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/ 662). .
وقال الواحدي: (في هذا دليلٌ على أنَّه لا يتحَقَّقُ إيمانٌ وشَهادةٌ حتَّى يكونَ ذلك عن عِلمٍ بالقَلبِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى شَرَطَ مع الشَّهادةِ العِلمَ) [659] يُنظر: ((التفسير الوسيط)) (4/84). .
وقال البغوي: (أراد بشهادةِ الحَقِّ قَولَ لا إلهَ إلَّا اللهُ كَلِمةَ التَّوحيدِ) [660] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (4/ 171). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (لكِنْ من شَهِدَ بالحَقِّ على بصيرةٍ وعِلمٍ، فإنَّه تنفَعُ شَفاعتُه عنده بإذنِه له) [661] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (7/ 243). .

انظر أيضا: