الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الثَّاني: لا يُؤاخَذُ أحَدٌ بجَريرةِ غَيرِه

يُجازي اللهُ العِبادَ بأعمالِهم خَيرِها وشَرِّها، ولا يَحمِلُ أحَدٌ ذَنبَ غَيرِه.
قال اللهُ تعالى: منِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15] .
قال قتادةَ في قَولِ الله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى: (واللهِ ما يَحمِلُ اللهُ على عَبدٍ ذَنْبَ غَيرِه، ولا يُؤاخَذُ إلَّا بعَمَلِه) [3643] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (14/526). .
وقال البَغَويُّ: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، لها ثَوابُه وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا؛ لأنَّ عليها عِقابَه وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، أي: لا تَحمِلُ حامِلةٌ حِملَ أُخرى من الآثامِ، أي: لا يُؤخَذُ أحَدٌ بذَنبِ أحَدٍ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا؛ إقامةً للحُجَّةِ وقَطعًا للعُذرِ) [3644] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (3/124). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (يُخبِرُ تعالى أنَّ من اهتَدى واتَّبَعَ الحَقَّ واقتَفى آثارَ النُّبوَّةِ، فإنَّما يُحصِّلُ عاقِبةَ ذلك الحَميدةَ لنَفسِه وَمَنْ ضَلَّ أي: عن الحَقِّ، وزاغَ عن سَبيلِ الرَّشادِ، فإنَّما يَجني على نَفسِه، وإنَّما يَعودُ وَبالُ ذلك عليه. ثُمَّ قال: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى أي: لا يَحمِلُ أحَدٌ ذَنْبَ أحَدٍ، ولا يَجني جانٍ إلَّا على نَفسِه، كما قال تعالى: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ [فاطِر: 18] . ولا مُنافاةَ بينَ هذا وبينَ قَولِه تعالى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ [العنكبوت: 13] ، وقَولِه تعالى: وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [النحل: 25] ، فإنَّ الدُّعاةَ عليهم إثمُ ضَلالِهم في أنفُسِهم، وإثمٌ آخَرُ بسَبَبِ ما أضَلُّوا من أضَلُّوا من غَيرِ أن يَنقُصَ من أوزارِ أولَئِك، ولا يَحمِلوا عنهم شَيئًا. وهذا من عَدلِ الله ورَحمَتِه بعِبادِه) [3645] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (5/ 52). .

انظر أيضا: