الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّاني: الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ

1- عن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَجمَعُ اللهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ لميقاتِ يَومٍ مَعلومٍ قيامًا أربَعينَ سَنةً، شاخِصةً أبصارُهم إلى السَّماءِ، يَنتَظِرونَ فصلَ القَضاءِ. قال: ويَنزِلُ اللهُ عزَّ وجَلَّ في ظُلَلٍ من الغَمامِ من العَرْشِ إلى الكُرسيِّ...)) [3526] أخرجه مطولًا الآجري في ((الشريعة)) (610)، والطبراني (9/417) (9763) واللَّفظُ له، والحاكم (8751). صحَّحه الحاكم، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (3591)، وحسَّنه الذهبي في ((العرش)) (76)، وابن القيم في ((حادي الأرواح)) (262)، ووثَّق رجاله شعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((العواصم والقواصم)) (5/143)، وذكر ابن خزيمة في ((التوحيد)) (2/ 583) أن إسناده متصلاً، وذكر المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/296) أنه روي من طرقٍ أحدها صحيح، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/343): إنه روي من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة. .
2- عن بُريدةَ بنِ الحُصَيبِ رضي اللهُ عنه قال: لَمَّا قَدِمَ جَعفَرُ بنُ أبي طالِبٍ من أرضِ الحَبَشةِ لَقِيَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَ: ((أخبِرْني بأعجَبِ شَيءٍ رَأيتَه بأرضِ الحَبشةِ))، قال: مَرَّتِ امرَأةٌ على رَأسِها مِكتَلٌ فيه طَعامٌ، فمَرَّ بها رَجُلٌ على فَرَسٍ، فأصابَها فرمى به، فجَعَلْتُ أنظُرَ إليها وهيَ تُعيدُه في مكتَلِها، وهيَ تَقولُ: وَيلٌ لَك يَومٌ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّه فيَأخُذُ للمَظلومِ من الظَّالِمِ! فضَحِكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى بَدَت نواجِذُه، فقال: ((كيفَ تُقَدَّسُ أمَّةٌ لا تَأخُذُ لضَعيفِها من شَديدِها حَقَّه وهو غَيرُ مُتَعتَعٍ [3527] قال ابن الأثير: («حتى يأخذ للضعيف حقه غير متعتعٍ» بفتح التاء، أي من غيرِ أن يصيبَه أذًى يقلقله ويزعِجُه. يقال: تعتعه فتتعتع). ((النهاية)) (1/ 190). ؟)) [3528] أخرجه البزار (4464)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (5234)، والبيهقي (11848) واللَّفظُ له. صحَّحه الألباني في تخريج ((كتاب السنة)) (582)، وحسن إسناده ابن حجر في ((المطالب العالية)) (3/416)، وقال الذهبي في ((المهذب)) (8/4077): إسناده صالح. .
وعن جابِرٍ رَضِيَ الله عنه قال: لَمَّا رَجَعَتْ إلى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُهاجِرةُ البَحرِ، قال: ((ألَا تُحَدِّثوني بأعاجيبِ ما رأيتُم بأرضِ الحَبَشةِ؟)) قال فِتيةٌ منهم: بلى يا رَسولَ اللهِ، بَينا نَحنُ جُلوسٌ مَرَّت بنا عَجوزٌ من عَجائِزِ رَهابينِهم تَحمِلُ على رَأسِها قُلَّةً من ماءٍ، فمَرَّت بفَتًى منهم فجَعَلُ إحدى يَدَيه بينَ كَتِفَيها ثُمَّ دَفَعَها فخرَّت على رُكبَتَيها فانكَسَرَت قُلَّتُها، فلَمَّا ارتَفَعَتِ التفَتتْ إليه فقالت: سَوفَ تَعلمُ يا غُدَرُ [3529] قال ابن الأثير: (غُدَر: معدولٌ عن غادر للمبالغة. يقال للذَّكَر غُدَر، وللأنثى غَدارِ كقَطامِ، وهما مختصَّان بالنداءِ في الغالب) ((النهاية)) (3/ 345). إذا وَضَعَ اللهُ الكُرسيَّ وجَمعَ الأوَّلينَ والآخِرينَ وتَكَلَّمتِ الأيدي والأرجُلُ بما كانوا يَكسِبونَ، فسَوفَ تَعَلمُ كيفَ أمري وأمرُك عِندَه غَدًا؟! قال: يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صَدَقَت صَدَقَت! كيفَ يُقَدِّسُ اللهُ أمَّةً لا يُؤخَذُ لضَعيفِهم من شَديدِهم؟ )) [3530] أخرجه ابن ماجه (4010) واللَّفظُ له، وأبو يعلى (2003)، وابن حبان (5059). صحَّحه ابن حبان، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (4010)، وقواه بشواهده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5059)، وحسَّن إسنادَه البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (2/298)، وقال الذهبي في ((العلو)) (85): إسناده صالح، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/542): جميع رجاله احتجَّ بهم مسلم في صحيحه. .
قال أبو نُعيمٍ: (لَه العَرْش المُستَوي عليه والكُرسيُّ الذي وُسِعُ السَّمَواتِ والأرضِ، وهو قَولُه تعالى: وسِعَ كرسَيه السَّمَواتِ والأرضِ [البَقرةُ: 255] ، وكَرسَيه جِسمٌ، والسَّمَواتُ السَّبعُ والأرضونُ السَّبعُ عِندَ الكُرسيِّ كحَلقةٍ في أرضِ فلاةٍ، وليس كرسَيه عِلمُه كما قالتِ الجِهميَّةُ، بَل يوضَعُ كرسَيه يَومَ القيامةِ لفَصلِ القَضاءِ بينَ خَلقِه، كما قاله النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّه تعالى وتَقَدُّسُ يَجيءُ يَومِ القيامةِ لفَصلِ القَضاءِ بينَ عِبادِه والمَلائِكةِ صَفًّا صَفًّا كما قال تعالى: وجاءَ رَبك والمَلك صَفًّا صَفًّا [الفجر: 22] ) [3531] يُنظر: ((الفتوى الحموية الكبرى)) لابن تيمية (ص: 370-373). .

انظر أيضا: