موسوعة الفرق

الفَصلُ الأوَّلُ: التَّعريفُ العامُّ بالجَهْميَّةِ


‌الجَهْميَّةُ: إحدى الفِرَقِ الكلاميَّةِ التي تنتَسِبُ إلى الإسلامِ، والجَهْميَّةُ نِسبةٌ إلى ‌الجَهْمِ بنِ صَفوانَ واضِعِ عَقيدتِهم، وهو تلميذُ الجَعدِ بنِ دِرهَمٍ، الَّذي تخرَّج بأبانَ بنِ سمعانَ اليَهوديِّ [1] يُنظر: ((الأنساب)) للسمعاني (3/ 437)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (72/ 99)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/ 86). .
وهذه الفِرقةُ توسَّعت مفاهيمُها العَقَديَّةُ الضَّالَّةُ، وكَثُر المتأثِّرون بها، في مفهومِ الإيمانِ، وفي صفاتِ اللهِ تعالى وأسمائِه، والقَدَرِ، وقد كان لهم شأنٌ في الدَّولةِ حينًا من الدَّهرِ، فاضطَهَدوا المُخالِفينَ لهم حينَ تمكَّنوا منهم [2] يُنظر: ((فرق معاصرة)) لغالب عواجي (3/1131). .
قال المَقريزيُّ: (حدَث بَعدَ عَصرِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم مَذهَبُ جَهْمِ ‌بنِ ‌َصَفوانَ ببلادِ المَشرِقِ، فعَظُمت الفِتنةُ به؛ فإنَّه نفى أن يكونَ لله تعالى صفةٌ، وأورد على أهلِ الإسلامِ شُكوكًا أثَّرت في الملَّةِ الإسلاميَّةِ آثارًا قبيحةً، تولَّد عنها بلاءٌ كبيرٌ. وكان قُبيلَ المائةِ مِن سِني الهِجرةِ، فكَثُر أتباعُه على أقوالِه التي تَؤولُ إلى التَّعطيلِ، فأكبَرُ أهلِ الإسلامِ بَدَّعَته وتمالؤوا على إنكارِها وتضليلِ أهلِها، وحذَّروا من الجَهْميَّةِ وعادَوهم في اللهِ وذمُّوا من جلَس إليهم، وكتَبوا في الردِّ عليهم ما هو معروفٌ عِندَ أهلِه) [3] ((المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار)) (4/ 190). .
وكان هؤلاء الجَهْميَّةُ العَقَبةَ الكَؤودَ في طريقِ العقيدةِ السَّلَفيَّةِ النَّقيَّةِ وانتشارِها؛ حيثُ صرَفوا عُلَماءَ السَّلَفِ عن نَشرِها بما وضَعوا أمامَهم من عراقيلَ شغلَتْهم، وأخذَت الحيِّزَ الأكبرَ من أوقاتِهم في ردِّ شُبُهاتِ الجَهْميَّةِ، ومجادلاتِهم لهم، وخصامِهم معهم، وقد يظُنُّ البعضُ أنَّها أمسَت حديثَ الماضي والتاريخِ، إلَّا أنَّ الواقِعَ يشهَدُ تأثُّرَ كثيرٍ من الفِرَقِ بها، كالمُعتزِلةِ والأشاعِرةِ، بل إنَّ لقَبَ الجَهْميَّةِ غلَب على المُعتَزِلة في عهدِ المأمونِ [4] يُنظر: ((تاريخ الجهمية والمعتزلة)) للقاسمي (ص: 9)، ((فرق معاصرة)) لغالب عواجي (3/1131). .

انظر أيضا: