الموسوعة العقدية

الْمَطْلَبُ الثَّاني: كيفيَّةُ حَشْرِ النَّارِ للنَّاسِ فِي آخرِ الزمانِ

عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يُحشَرُ النَّاسُ على ثَلاثِ طَرائِقَ راغِبينَ راهِبينَ، واثنانِ على بَعيرٍ، وثَلاثة على بَعيرٍ، وأربَعة على بَعيرٍ، وعَشَرةً على بَعيرٍ، ويَحشُرُ بَقيَّتَهم النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهم حَيثُ قالوا، وتَبِيتُ مَعَهم حَيثُ باتوا، وتُصبِحُ مَعَهم حَيثُ أصبَحوا، وتُمسي مَعَهم حَيثُ أمسَوا )) [2953] أخرجه البخاري (6522)، ومسلم (2861). .
قال الخَطابيُّ: (الحَشْرُ الْمَذكورُ في هذا الحَديثِ إنَّما يَكونُ قَبلَ قيامِ السَّاعةِ، يُحشَرُ النَّاسُ أحياءً إلى الشَّامِ، فأمَّا الحَشْرُ الذي يَكونُ بَعدَ البَعثِ مِنَ القُبورِ، فإنَّه على خِلافِ هَذِه الصُّورةِ من رُكوبِ الإبِلِ والمُعاقَبةِ عليها، إنَّما هو على ما ورَدَ في الخَبَرِ أنَّهم يُبعَثونَ يَومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً بُهْمًا غُرْلًا، وقَد قيلَ: إنَّ هذا البَعثَ دونَ الحَشْرِ، فلَيسَ بينَ الحَديثين تَدافُعٌ، ولا تَضادٌّ.
وقَولُه: وعَشَرةٌ على بَعيرٍ، يَعني أنَّهم يَعتَقِبونَ البَعيرَ الواحِدَ، يركَبُ بَعضُهم ويَمشي الباقونُ عَقبًا بينَهم) [2954] يُنظر: ((أعلام الحديث)) (3/ 2269). .
وقال النَّوَويُّ: (قال العُلَماءُ: وهذا الحَشْرُ في آخِرِ الدُّنيا قُبَيلَ القيامةِ وقُبَيلَ النَّفخِ في الصُّورِ، بدَليلِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تَحْشُرُ بَقِيَّتَهم النَّارُ تَبِيتُ مَعَهم وتَقيلُ وتُصبِحُ وتُمسي))، وهذا آخِرُ أشراطِ السَّاعةِ، كما ذَكرَ مُسْلِمٌ بَعدَ هذا في آياتِ السَّاعةِ، قال: ((وآخِرُ ذلك نارٌ تَخرُجُ من قَعرِ عَدَنٍ تُرَحِّلُ النَّاسَ)). وفي رِوايةٍ: ((تَطرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهم)) [2955] أخرجه مسلم (2901) مُطَولًا. ، والمُرادِ بثَلاثِ طَرائِقَ ثَلاثُ فِرَقٍ، ومِنه قَولُه تعالى إخبارًا عَنِ الجِنِّ: كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا أي: فِرَقًا مُختَلِفةَ الأهواءِ) [2956] يُنظر: ((شرح مسلم)) (17/ 194). .

انظر أيضا: