الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الثَّالِثُ: من مقتضى بَشَريَّةِ الأنبياءِ والرُّسُلِ: اشتِغالُهم بأعمالِ البَشَرِ

من مقتضى بَشَريَّةِ الأنبياءِ والرُّسُلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّهم يقومون بالأعمالِ والأشغالِ التي يمارِسُها البَشَرُ.
ومن ذلك رَعْيُ الأنبياءِ للغَنَمِ.
عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كنَّا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَجْني الكَبَاثَ وإنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: عليكم بالأسوَدِ منه، فإنَّه أطيَبُه، قالوا: أكنتَ ترعى الغَنَمَ؟ قال: وهل من نَبيٍّ إلَّا وقد رعاها؟! )) .
ومن الأنبياءِ الذين رَعَوا الغَنَمَ نبيُّ اللهِ موسى عليه السَّلامُ؛ فقد عمل في ذلك عِدَّةَ سَنَواتٍ، بعد أن قال له العبدُ الصَّالحُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ [القصص: 27-28] .
قال ابنُ حَجَرٍ: (الذي قاله الأئِمَّةُ أنَّ الحِكمةَ في رعايةِ الأنبياءِ للغَنَمِ لِيَأخُذوا أنفُسَهم بالتواضُعِ، وتعتادَ قلوبُهم بالخَلْوةِ، ويترَقَّوا من سياسَتِها إلى سياسةِ الأُمَمِ) .
وكان داودُ عليه السَّلامُ حدَّادًا يصنعُ الدُّروعَ، وكان يأكُلُ مِمَّا تصنعُه يداه.
فعن المِقدامِ بنِ مَعْدِيكَرِبَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما أكَلَ أحَدٌ طَعامًا قَطُّ خَيْرًا مِن أنْ يَأْكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نَبِيَّ اللَّهِ داوُدَ عليه السَّلامُ، كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ )) .
قال ابنُ عُثَيمين: (كان داودُ يَصنَعُ الدُّروعَ، كما قال اللهُ تعالى: وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ [الأنبياء: 80] ، فكان حدَّادًا) .
ونبيُّ اللهِ زكريَّا عليه السَّلامُ كان يَعمَلُ نجَّارًا.
فعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كان زكريَّاءُ نجَّارًا )) .

انظر أيضا:

  1. (1) قال ابن الأثير: (هو النضيجُ من ثمر الأراك) ((النهاية)) (4/ 139).
  2. (2) رواه البخاري (3406) واللَّفظُ له، ومسلم (2050).
  3. (3) يُنظر: ((فتح الباري)) (6/439).
  4. (4) رواه البخاري (2072).
  5. (5) يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (3/397).
  6. (6) رواه مسلم (2379).