الموسوعة العقدية

المَبْحَثُ السابعُ: من وظائِفِ الأنبياءِ: سِياسةُ الأُمَّةِ

الأنبياءُ يَحكُمونَ بين النَّاسِ، ويقودون الأُمَّة في السِّلمِ والحَربِ، ويَلُون شُؤونَ القَضاءِ، ويقومون على رعايةِ مَصالحِ النَّاسِ، وهم في كلِّ ذلك عامِلون بطاعةِ اللهِ، وطاعتُهم في ذلك كلِّه طاعةٌ للهِ تعالى [680] يُنظر: ((الرسل والرسالات)) لعمر الأشقر (ص: 54). .
قال اللهُ تعالى: يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ [ص: 26] .
قال السَّعْديُّ: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ تُنفِّذُ فيها القضايا الدِّينيَّةَ والدُّنيويَّةَ) [681] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 712). .
وأنبياءُ بني إسرائيلَ كانوا يَسُوسون أمَّتَهم بالتوراةِ.
قال اللهُ سُبحانَه عن التوراةِ: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا [المائدة: 44] .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كانت بنو إسرائيلَ تسوسُهم الأنبياءُ، كُلَّما هلك نبيٌّ خلَفَه نبيٌّ )) [682] رواه البخاري (3455)، ومسلم (1842) مُطَوَّلًا. .
قال العَينيُّ: (أي: تتوَلَّى أمورَهم كما تفعَلُ الأُمَراءُ والوُلاةُ بالرَّعِيَّةِ، والسِّياسةُ القيامُ على الشَّيءِ بما يُصلِحُه؛ وذلك لأنَّهم كانوا إذا أظهروا الفسادَ بعث اللهُ نَبِيًّا يزيلُ الفَسادَ عنهم، ويقيمُ لهم أمْرَهم ويُزيلُ ما غَيَّروا من حُكْمِ التوراةِ) [683] يُنظر: ((عمدة القاري)) (16/43). .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [النور: 51] .
قال ابنُ تَيمِيَّةَ: (إنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسَّسَ مَسجِدَه المبارَكَ على التقوى؛ ففيه الصَّلاةُ والقراءةُ والذِّكرُ، وتعليمُ العِلْمِ، والخُطَبُ، وفيه السِّياسةُ وعَقدُ الأَلْوِيَةِ والرَّاياتِ، وتأميرُ الأمراءِ وتعريفُ العُرَفاءِ، وفيه يجتمع المُسلِمون عنده لِما أهمَّهم من أمرِ دينِهم ودُنياهم، وكذلك عُمَّالُه في مِثلِ مَكَّةَ والطَّائفِ وبلادِ اليَمَنِ وغيرِ ذلك من الأمصارِ والقرى، وكذلك عُمَّالُه على البوادي؛ فإن لهم مجمَعًا فيه يُصَلُّون وفيه يُساسون، كما قال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ بني إسرائيلَ كان تسوسُهم الأنبياءُ، كُلَّما ذهب نَبيٌّ خَلَفه نَبيٌّ، وإنَّه لا نَبيَّ بَعْدي)) [684] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (35/39). .
وقال عبد الرزاق عفيفي: (اقتضت حِكْمةُ اللهِ أن يُرسِلَ رُسُلَه رحمةً بعِبادِه، وإقامةً للعَدلِ بينهم، وتبصيرًا لِما يَجِبُ عليهم من حقوقِ خالِقِهم، وإعانةً لهم على أنفُسِهم، وإعذارًا إليهم؛ فإنَّه لا أحَدَ أحَبُّ إليه العُذرُ مِنَ اللهِ) [685] يُنظر: ((مذكرة التوحيد)) (ص: 55). .

انظر أيضا: