موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِنَ القرآنِ الكريمِ


دعا القرآنُ الكريمُ إلى الاجتماعِ والأُلفةِ والأُخُوَّةِ، ونَبذِ الفُرْقةِ والهَجْرِ والتَّباعُدِ والقطيعةِ بَيْنَ المُسلِمينَ، وذَمَّ ذلك ونفَّر منه.
1- قال تعالى داعيًا للتعاضُدِ والتَّآلُفِ بَيْنَ المُؤمِنين، ونبذِ ما يضادُّ ذلك من الفُرْقةِ والهَجْرِ بَيْنَهم:وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103]
قولُه: وَلَا تَفَرَّقُوا نهيٌ عن التَّدابُرِ والتَّقاطُعِ ، أي: كما تفرَّقَت اليهودُ والنَّصارى. وقيل: وَلَا تَفَرَّقُوا يعني: كما كنتُم متفرِّقين في الجاهليَّةِ مُتدابِرين يعادي بعضُكم بعضًا ويَقتُلُ بعضُكم بعضًا، وقيل: معناه: لا تحدِثوا ما يكونُ عنه التَّفرُّقُ ويزولُ معه الاجتماعُ والأُلفةُ التي أنتم عليها؛ ففيه النَّهيُ عن التَّفرُّقِ والاختلافِ، والأمرُ بالاتِّفاقِ والاجتماعِ .
2- وقال تعالى محذِّرًا من التَّنازُعِ الذي يُفضي إلى الهِجرانِ والتَّقاطُعِ وذَهابِ القُوَّةِ والوَحدةِ: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال: 46] .
فأمرَهم تعالى بألَّا يتنازَعوا فيما بَيْنَهم فيختَلِفوا، فيكونَ سَببًا لتخاذُلِهم وفَشَلِهم وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ أي: قوَّتُكم ووَحدتُكم .
3- وقال تعالى ناهيًا المُؤمِنين عن الاختلافِ والتَّفرُّقِ، ولا شَكَّ أنَّهما من أسبابِ التَّهاجُرِ: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران: 105] .
4- وقال تعالى مؤكِّدًا على الإصلاحِ بَيْنَ المُؤمِنين عِندَ التَّهاجُرِ والتَّخاصُمِ والتَّقاتُلِ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات: 10] .
قولُه: بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ يعني: بَيْنَ كُلِّ مُسلِمينِ تخاصَما وتقاتَلا .
5- وقال تعالى في الحَثِّ على الإصلاحِ بَيْنَ النَّاسِ ونَبْذِ أسبابِ التَّهاجُرِ والتَّنازُعِ بَيْنَهم: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 114] .
قولُه تعالى: أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ عامٌّ في الدِّماءِ والأموالِ والأعراضِ، وفي كُلِّ شيءٍ يقَعُ التَّداعي والاختلافُ فيه بَيْنَ المُسلِمين، وفي كُلِّ كلامٍ يرادُ به وجهُ اللهِ تعالى .

انظر أيضا:

  1. (1) ((التسهيل لعلوم التنزيل)) لابن جزي (1/ 161).
  2. (2) يُنظَر: ((لباب التأويل في معاني التنزيل)) للخازن (1/277).
  3. (3) يُنظَر: ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/72).
  4. (4) يُنظَر: ((التفسير الوسيط)) للواحدي (4/ 154).
  5. (5) يُنظَر: ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (5/384).