موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- مِن أقوالِ السَّلَفِ والعُلماءِ


- قال مالِكُ بنُ دينارٍ: (أربَعٌ مِن علمِ الشَّقاءِ: قَسوةُ القَلبِ، وجُمودُ العينِ، وطولُ الأمَلِ، والحِرصُ على الدُّنيا) [5466] رواه ابن أبي الدنيا في ((الزهد)) (36)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (56/415) واللفظ له. .
- وقال سَهلُ بنُ عبدِ اللهِ: (كُلُّ عُقوبةٍ طَهارةٌ، إلَّا عُقوبةَ القَلبِ؛ فإنَّها قَسوةٌ) [5467] رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (10/208) مطوَّلًا. .
- وقال أبو عَبدِ اللهِ السَّاجيُّ: (الذِّكرُ لغَيرِ ما يوصِلُ إلى اللهِ قَسوةٌ في القَلبِ) [5468] رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (9/317). .
- وقال حُذَيفةُ المَرعَشيُّ: (ما ابتُليَ أحَدٌ بمُصيبةٍ أعظَمَ عليه مِن قَسوةِ قَلبِه) [5469] رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (10/168). .
- وقال مالِكُ بنُ دينارٍ: (ما ضُرِب عَبدٌ بعُقوبةٍ أعظَمَ مِن قَسوةِ قَلبٍ، وما غَضِبَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ على قَومٍ إلَّا نزعَ منهم الرَّحمةَ) [5470] رواه الثعلبي في ((التفسير)) (8/230). .
- وقال ابنُ القَيِّمِ: (ما ضُرِب عَبدٌ بعُقوبةٍ أعظَمَ مِن قَسوةِ القَلبِ والبُعدِ عن اللهِ. خُلِقَت النَّارُ لإذابةِ القُلوبِ القاسيةِ. أبعَدُ القُلوبِ مِن اللهِ القَلبُ القاسي) [5471] ((الفوائد)) (1/97). .
- وقال أبو حَمزة الكوفيُّ لعُثمانَ بنِ عَبدِ الحَميدِ: (لا تتَّخِذْ مِن الخَدَمِ إلَّا ما لا بُدَّ منه؛ فإنَّ مع كُلِّ إنسانٍ شَيطانًا، واعلَمْ أنَّهم لا يعطونَك بالشِّدَّة شَيئًا إلَّا أعطوك باللِّينِ ما هو أفضَلُ منه) [5472] يُنظَر: ((ربيع الأبرار)) للزمخشري (2/ 235)، ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 186). .
- وقال مَيمونُ بنُ مِهرانَ: (لا تُعَذِّبِ المَملوكَ، ولا تضرِبِ المَملوكَ في كُلِّ ذَنبٍ، ولكِنِ احفَظْ ذاك له، فإذا عصى اللهَ عَزَّ وجَلَّ فعاقِبْه على مَعصيةِ اللهِ تعالى، وذَكِّرْه الذُّنوبَ التي أذنَب بَينَك وبَينَه) [5473] يُنظَر: ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (4/ 88، 89). .
- وقال أبو العَبَّاسِ السَّفَّاحُ: (مَن شَدَّدَ نفَّر، ومَن لانَ تألَّفَ) [5474] ((ربيع الأبرار)) للزمخشري (2/ 239)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (6/ 78). .
- وقال مُحَمَّدُ بنُ عَليٍّ: (ما أقبَحَ الأشَرَ عندَ الظَّفَرِ، والكَآبةَ عندَ النَّائِبةِ، والغِلظةَ على الفَقيرِ، والقَسوةَ على الجارِ، ومُشاحَنةَ القَريبِ، والخِلافَ على الصَّاحِبِ، وسوءَ الخُلُقِ على الأهلِ، والاستِطالةَ بالقُدرةِ، والجَشَعَ مع الفَقرِ، والغِيبةَ للجَليسِ، والكَذِبَ في الحَديثِ، والسَّعيَ بالمُنكَرِ، والغَدرَ مِن السُّلطانِ، والحِلفَ مِن ذي المُروءةِ!) [5475] ((التذكرة)) لابن حمدون (1/ 274). .
- وقال ابنُ خَلدونَ: (الشِّدَّةُ على المُتَعَلِّمينَ مُضرَّةٌ بهم؛ وذلك أنَّ إرهافَ الحَدِّ بالتَّعليمِ مُضِرٌّ بالمُتَعَلِّمِ سيَّما في أصاغِرِ الوَلَدِ؛ لأنَّه مِن سوءِ المَلَكةِ. ومَن كان مَرباه بالعَسفِ والقَهرِ مِن المُتَعَلِّمينَ أو المَماليكِ أو الخَدَمِ سَطا به القَهرُ وضَيَّق عن النَّفسِ في انبِساطِها، وذَهَبَ بنَشاطِها ودَعاه إلى الكَسَلِ، وحَمَلَ على الكَذِبِ والخُبثِ، وهو التَّظاهُرُ بغَيرِ ما في ضَميرِه؛ خَوفًا مِن انبِساطِ الأيدي بالقَهرِ عليه، وعَلَّمه المَكرَ والخَديعة لذلك، وصارَت له هذه عادةً وخُلُقًا، وفَسَدَت مَعاني الإنسانيَّةِ التي له) [5476] ((المقدمة)) (3/ 1119). .
- وقال القُرطُبيُّ: (مَن خَلَق اللهُ تعالى في قَلبِه هذه الرَّحمةَ الحامِلةَ له على الرِّفقِ وكَشْفِ ضُرِّ المُبتَلى، فقد رَحِمَه اللهُ تعالى بذلك في الحالِ، وجَعَلَ ذلك عَلامةً على رَحمَتِه إيَّاه في المآلِ، ومَن سَلبَ اللهُ ذلك المعنى منه، وابتَلاه بنَقيضِ ذلك مِن القَسوةِ والغِلَظِ، ولم يلطُفْ بضَعيفٍ، ولا أشفَقَ على مُبتَلًى، فقد أشقاه في الحالِ، وجَعَلَ ذلك عَلَمًا على شِقوتِه في المآلِ، نعوذُ باللهِ مِن ذلك) [5477] ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) (6/ 109). .
قال محمد رشيد رضا: (القَسوةُ والغِلظةُ، وهما مِن الأخلاقِ المُنَفِّرةِ للنَّاسِ، لا يصبِرونَ على مُعاشَرةِ صاحِبِهما وإن كَثُرَت فضائِلُه، ورُجيَت فواضِلُه، بل يتَفَرَّقونَ ويذهَبونَ مِن حَولِه، ويترُكونَه وشَأنَه لا يُبالونَ ما يفوتُهم مِن مَنافِعِ الإقبالِ عليه، والتَّحَلُّقِ حَواليه) [5478] ((تفسير المنار)) (4/ 163). .
- وقال مُحَمَّدٌ الغَزاليُّ: (الرَّحمةُ كمالٌ في الطَّبيعةِ يجعَلُ المَرءَ يرِقُّ لآلامِ الخَلقِ ويسعى لإزالَتِها، ويأسى لأخطائِهم فيتَمَنَّى لهم الهُدى، هي كمالٌ في الطَّبيعةِ؛ لأنَّ تبلُّدَ الحِسِّ يهوي بالإنسانِ إلى مَنزِلة الحَيَوانِ ويسلُبُه أفضَلَ ما فيه، وهو العاطِفةُ الحَيَّةُ النَّابِضةُ بالحُبِّ والرَّأفةِ، بل إنَّ الحَيَوانَ قد تجيشُ فيه مَشاعِرُ مُبهَمةٌ تُعطِّفُه على ذَراريِّه؛ ومِن ثُمَّ كانت القَسوةُ ارتِكاسًا بالفِطرة إلى مَنزِلةِ البَهائِمِ، بل إلى مَنازِلِ الجَمادِ الذي لا يعي ولا يهتَزُّ! والرَّحمةُ في أُفُقِها الأعلى وامتِدادِها المُطلَقِ صِفةُ المَولى تبارَكتَ أسماؤُه) [5479] ((خلق المسلم)) (ص: 209). .
- وقال أيضًا: (إنَّ القُلوبَ الكَبيرةَ قَلَّما تَستَجيشُها دَوافِعُ القَسوةِ، فهي أبَدًا إلى الصَّفحِ والحَنانِ أدنى منها إلى الحَفيظةِ والأضغانِ، إنَّ القَسوةَ في خُلُقِ إنسانٍ دَليلُ نقصٍ كَبيرٍ، وفي تاريخِ أُمَّةٍ دَليلُ فسادٍ خَطيرٍ، فلا عَجَبَ إذا حَذَّرَ الإسلامُ منها واعتَبَرَها عِلَّةَ الفِسقِ عن أمرِ اللهِ، وسِرَّ الشُّرودِ عن صِراطِه المُستَقيمِ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد: 16] ) [5480] ((خلق المسلم)) (ص: 210، 211). .

انظر أيضا: