موسوعة الأخلاق والسلوك

 ب- مِنَ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن أبي مَسعودٍ قال: وأشارَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِه نحوَ اليمَنِ، وقال: ((الإيمانُ هاهُنا  -مَرَّتَينِ- ألا وإنَّ القَسوةَ وغِلَظَ القُلوبِ في الفَدَّادينَ  -حَيثُ يطلُعُ قَرنا الشَّيطانِ- رَبيعةَ ومُضَرَ)) .
قال الخَطَّابيُّ: (إنَّما ذَمَّ هَؤُلاءِ لاشتِغالِهم بمُعالَجةِ ما هم عليه عن أُمورِ دينِهم، وتَلَهِّيهم عن أمرِ الآخِرةِ، وتَكونُ منها قَساوةُ القَلبِ) .
- وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ الله عنهما: (أنَّ هذه الآيةَ التي في القُرآنِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب: 45] ، قال في التَّوراةِ: يا أيُّها النَّبيُّ إنَّا أرسَلْناك شاهِدًا ومُبَشِّرًا وحِرزًا للأُمِّيِّين ، أنت عبدي ورسولي، سمَّيتُك المتوَكِّلَ، ليس بفَظٍّ ولا غليظٍ) .
قال القاريُّ: (والمعنى: ليس بسَيِّئِ الخُلُقِ أو القَولِ، ولا غَليظٍ، أي: ضَخمٍ كَريهِ الخَلقِ، أو سَيِّئِ الفِعلِ، أو غَليظِ القَلبِ، وهو الأظهَرُ؛ لقَولِه تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ [آل عمران: 159] ، أي: شَديدَه، وقاسيَه، فيُناسِبُ حينَئِذٍ أن يكونَ الفَظُّ مَعناه بَذاذةَ اللِّسانِ، ففيه إيماءٌ إلى طَهارةِ عُضوَيه الكَريمَينِ مِن دَنَسِ الطَّبعِ، ووَسخِ هَوى النَّفسِ الذَّميمينِ، وقد قال الكَلبيُّ: فظًّا في القَولِ، غَليظَ القَلبِ في الفِعلِ) .
وقال المُناويُّ: (ليس بفَظٍّ، أي: شديدًا، ولا قاسيَ القَلبِ على المؤمنين. ولا غَليظٍ، أي: سَيِّئٍ) .
- وعن حارثةَ بنِ وَهبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه أنَّه سمع النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((ألا أُخبِرُكم بأهلِ الجنَّةِ؟ قالوا: بلى. قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُلُّ ضعيفٍ متضَعَّفٍ، لو أقسَمَ على اللَّهِ لأبرَّه. ثمَّ قال: ألا أخبِرُكم بأهلِ النَّارِ؟ قالوا: بلى. قال: كُلُّ عُتُلٍ جوَّاظٍ مُستكبِرٍ)) .
الجوَّاظُ قيل: إنَّه الفَظُّ الغليظُ، والعُتُلُّ قيل: إنَّه الفَظُّ الشَّديدُ من كُلِّ شيءٍ . الغليظُ، الذي لا يَلينُ للحَقِّ ولا للخَلقِ .

انظر أيضا:

  1. (1) رواه البخاري (5303) واللفظ له، ومسلم (51).
  2. (2) ((عمدة القاري)) للعيني (15/191).
  3. (3) وحِرزًا للأمِّيِّين: أي: حافِظًا لدينِهم، والمرادُ العَرَبُ، وسُمُّوا بالأُمِّيِّين؛ لأنَّ الكتابةَ كانت فيهم قليلةً. يُنظَر: ((عمدة القاري)) للعيني (11/243).
  4. (4) رواه البخاري (2125) مطوَّلًا.
  5. (5) ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (9/3679).
  6. (6) ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) (2/89).
  7. (7) رواه البخاري (6657) واللفظ له، ومسلم (2853).
  8. (8) يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/663)، ((فيض القدير)) للمناوي (3/87).
  9. (9) ((كتب ورسائل ابن عثيمين)) مجالس شهر رمضان (ص: 155).