موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


ورَدَت عِدَّةُ آياتٍ في الحَثِّ على الأُلفةِ والتَّآلُفِ؛ منها:
1- قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103] .
قَولُه تعالى: وَلَا تَفَرَّقُوا حَثٌّ على الأُلفةِ والاجتماعِ الذي هو نظامُ الإيمانِ واستقامةُ أمورِ العالَمِ ، واللهُ تعالى يأمُرُ بالأُلفةِ وينهى عن الفُرقةِ؛ لأنَّ الفُرقةَ هَلَكةٌ، والجماعةَ نجاةٌ .
2- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159] ، هو تحذيرٌ مِن تفَرُّقِ الكَلِمةِ، ودعاءٌ إلى الاجتماعِ والأُلفةِ على الدِّينِ .
3- قَولُه تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى: 13] ، وقولُه: وَلَا تَتَفَرَّقُوا نهيٌ عن المَهلِكِ مِن تَفَرُّقِ الأنحاءِ والمذاهِبِ، والخَيرُ كلُّه في الأُلفةِ واجتماعِ الكَلِمةِ .
وقد بَعَث اللهُ الأنبياءَ كُلَّهم بإقامةِ الدِّينِ والأُلفةِ والجماعةِ، وتَرْكِ الفُرقةِ والمُخالفةِ . فالآيةُ فيها نهيٌ عن التَّفَرُّقِ في الدِّينِ؛ لأنَّ التَّفرُّقَ سَبَبٌ للهلاكِ، والاجتماعُ والأُلفةُ سَبَبٌ للنَّجاةِ .
4- قال تعالى: وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [الروم: 31-32] ، أي: فِرَقًا، فأمَرَهم اللهُ عزَّ وجَلَّ بالاجتماعِ والأُلفةِ ولُزومِ الجماعةِ .
5- وقال تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران: 103] .
يمتَنُّ اللهُ تعالى عليهم بأنَّهم (كانوا في الجاهليَّةِ بَينَهم الإحَنُ والعَداواتُ والحُروبُ المتواصِلةُ، فألَّف اللهُ بَينَ قلوبِهم بالإسلامِ، وقَذَف فيها المحبَّةَ، فتحابُّوا وتوافَقوا وصاروا إخوانًا مُتراحِمين مُتناصِحين مجتَمِعين على أمرٍ واحدٍ، قد نَظَم بَينَهم وأزال الاختِلافَ، وهو الأُخُوَّةُ في اللهِ) .
6- وقال سُبحانَه: وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال: 62-63] .
قَولُه: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ (فاجتَمَعوا وائتَلَفوا، وازدادت قوَّتُهم بسَبَبِ اجتماعِهم، ولم يكُنْ هذا بسَعيِ أحَدٍ، ولا بقُوَّةٍ غيرِ قُوَّةِ اللهِ، فلو أنفَقْتَ ما في الأرضِ جميعًا من ذَهَبٍ وفِضَّةٍ وغيرِهما لتأليفِهم بَعدَ تلك النُّفرةِ والفُرقةِ الشَّديدةِ، ما ألَّفْتَ بَينَ قلوبِهم؛ لأنَّه لا يَقدِرُ على تقليبِ القُلوبِ إلَّا اللهُ تعالى، ولكِنَّ اللهَ ألَّف بَينَهم إنَّه عزيزٌ حكيمٌ، ومِن عِزَّتِه أنْ ألَّف بَينَ قلوبِهم، وجمَعَها بَعدَ الفُرقةِ) .
7- قولُه تعالى: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا [آل عمران: 120] . قال قَتادةُ: (الحَسَنةُ: الأُلفةُ والجماعةُ، والسَّيِّئةُ: الفُرقةُ والاختِلافُ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((التفسير)) للراغب الأصفهاني (2/ 768).
  2. (2) ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (4/ 159).
  3. (3) ((أحكام القرآن)) للجصاص (4/ 198).
  4. (4) ((المحرر الوجيز)) لابن عطية (5/ 29).
  5. (5) ((معالم التنزيل)) البغوي (7/ 187).
  6. (6) ((البحر المحيط)) لأبي حيان (9/ 328).
  7. (7) ((معاني القرآن)) للزجاج (4/ 186).
  8. (8) ((الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل)) للزمخشري (1/ 395).
  9. (9) ((تيسير الكريم الرَّحمن)) للسعدي (1/325).
  10. (10) ((زاد المسير)) لابن الجوزي (1/ 319).