موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: مظاهِرُ وصُوَرُ العَفْوِ والصَّفحِ


1- عَفوُ الإنسانِ عمَّن ظلَمَه أو شتَمَه أو ضَرَبه، أو وقَعَ في عِرضِه أو عِرضِ أحَدٍ من أهلِه.
2- العَفْوُ عن الحُقوقِ الماليَّةِ وعمَّا له من الدُّيونِ.
3- عفوُ المرأةِ عن نِصفِ مَهرِها إذا طُلِّقَت قبلَ الدُّخولِ بها؛ قال تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة: 237] .
(أي: إذا طلَّقْتُم النِّساءَ قَبلَ المَسيسِ وبَعدَ فَرضِ المَهرِ، فللمُطَلَّقاتِ من المَهرِ المفروضِ نِصفُه، ولكم نِصفُه. هذا هو الواجِبُ ما لم يدخُلْه عفوٌ ومسامحةٌ، بأن تعفوَ عن نصفِها لزَوجِها، إذا كان يَصِحُّ عَفوُها) [6966] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 105). .
وقال الطَّبَريُّ (وأمَّا قَولُه: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ فإنَّه يعني: إلَّا أن يعفوَ اللَّواتي وجَبَ لهنَّ عليكم نصفُ تلك الفريضةِ، فيَترُكْنه لكم، ويَصفَحْنَ لكم عنه؛ تفضُّلًا منهنَّ بذلك عليكم إنْ كُنَّ ممَّن يجوزُ حُكمُه في مالِه، وهنَّ بوالِغُ رشيداتٌ) [6967] ((جامع البيان)) للطبري (4/ 311). .
ثمَّ قال تعالى: (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحُ وهو الزَّوجُ على الصَّحيحِ؛ لأنَّه الذي بيَدِه حَلُّ عُقدتِه؛ ولأنَّ الوَليَّ لا يَصِحُّ أن يعفوَ عمَّا وجَب للمرأةِ؛ لكَونِه غيرَ مالِكٍ ولا وكيلٍ.
ثمَّ رغَّب في العَفْوِ، وأنَّ مَن عفا كان أقرَبَ لتقواه؛ لكونِه إحسانًا مُوجِبًا لشَرحِ الصَّدرِ، ولكونِ الإنسانِ لا ينبغي أن يُهمِلَ نفسَه من الإحسانِ والمعروفِ، وينسى الفَضلَ الذي هو أعلى دَرَجاتِ المعامَلةِ؛ لأنَّ مُعاملةَ النَّاسِ فيما بَيْنَهم على درجَتَينِ: إمَّا عَدلٌ وإنصافٌ واجِبٌ، وهو: أخذُ الواجِبِ، وإعطاءُ الواجِبِ. وإمَّا فَضلٌ وإحسانٌ، وهو إعطاءُ ما ليس بواجِبٍ، والتَّسامُحُ في الحُقوقِ، والغَضُّ ممَّا في النَّفسِ، فلا ينبغي للإنسانِ أن ينسى هذه الدَّرَجةَ، ولو في بعضِ الأوقاتِ، وخُصوصًا لمن بينَك وبينه مُعاملةٌ أو مخالطةٌ؛ فإنَّ اللَّهَ مُجازٍ المحسِنين بالفَضلِ والكَرَمِ؛ ولهذا قال: إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [6968] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 105). .
3- العَفْوُ في القِصاصِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة: 178] .
فالآيةُ فيها جوازُ العَفْوِ عن القِصاصِ إلى الدِّيةِ؛ لقَولِه تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ... إلخ، وله أن يعفوَ مجَّانًا؛ لأنَّ اللَّهَ سُبحانَه وتعالى ندَب إلى العَفْوِ فقال: إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا [النساء: 149] [6969] ((تفسير ابن عثيمين: الفاتحة والبقرة)) (2/ 301). .
4- العَفْوُ عن غيرِ المُسلِمِ.

انظر أيضا: