موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: موانِعُ اكتِسابِ سَلامةِ الصَّدرِ


1- نَزَغاتُ الشَّيطانِ ووَساوِسُه؛ فالشَّيطانُ حريصٌ على إيغارِ الصُّدورِ، وإفسادِ القُلوبِ؛ لذا حذَّر اللهُ تبارك وتعالى منه، وأمَر عبادَه بانتقاءِ القَولِ الحَسَنِ؛ قال تبارك وتعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء: 53] ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّيطانَ قد أَيِسَ أن يَعبُدَه المُصَلُّون في جزيرةِ العَرَبِ، ولكِنْ في التَّحريشِ بَيْنَهم)) .
2- مَرَضُ القَلبِ وتمكُّنُ العِلَلِ والأدواءِ منه، كالحَسَدِ والغِلِّ والحِقدِ.
3- التَّنافُسُ على الدُّنيا؛ فعن عَمرِو بنِ عَوفٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فواللهِ ما الفَقْرَ أخشى عليكم، ولكِنِّي أخشى أن تُبسَطَ عليكم الدُّنيا كما بُسِطَت على من كان قبلَكم، فتَنافَسوها كما تَنافَسوها، وتُهلِكَكم كما أهلكَتْهم)) .
4- حُبُّ الشُّهرةِ والرِّياسةِ، وهي داءٌ عُضالٌ ومَرَضٌ خطيرٌ، وشَرٌّ مُستطيرٌ؛ قال الفُضَيلُ بنُ عياضٍ رحمه اللهُ: (ما من أحَدٍ أحَبَّ الرِّياسةَ إلَّا حَسَدَ وبغى، وتتبَّعَ عُيوبَ النَّاسِ، وكَرِهَ أن يُذكَرَ أحَدٌ بخيرٍ) . وقال ابنُ عبدِ البَرِّ:
حُبُّ الرِّياسةِ داءٌ يُخلِقُ الدُّنيا
ويجعَلُ الحُبَّ حَربًا للمُحِبِّينا
يَفْري الحلاقِمَ والأرحامَ يَقطَعُها
فلا مُروءةَ يُبقي لا ولا دِينَا
5- الاتِّصافُ ببَعضِ الصِّفات التي من شأنِها أن تُوغِرَ الصُّدورَ، وتُؤثِّرَ في سلامتِها، ككثرةِ المُزاحِ، وكثرةِ المِراءِ والجِدالِ، والعُجبِ وغَيرِها.
6- الاستِماعُ للوِشايةِ والنَّميمةِ، والتَّفاعُلُ معهما؛ فالنَّميمةُ ذريعةٌ إلى تكديرِ الصَّفوِ وتغييرِ القُلوبِ.
7- سوءُ الظَّنِّ؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ، قال ابنُ جريرٍ في معنى الآيةِ: (لا تَقْرَبوا كثيرًا من الظَّنِّ بالمُؤمِنين، وذلك أن تَظُنُّوا بهم سُوءًا؛ فإنَّ الظَّانَّ غيرُ محِقٍّ. وقال جَلَّ ثناؤه: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ، ولم يقُل: اجتَنِبوا الظَّنَّ كُلَّه؛ إذ كان قد أذِنَ للمُؤمِنين أن يَظُنَّ بعضُهم ببعضٍ الخَيرَ، فقال: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور: 12] ، فأذِنَ اللهُ جَلَّ ثناؤه للمُؤمِنين أن يَظُنَّ بعضُهم ببعضٍ الخيرَ، وأن يقولوه، وإن لم يكونوا مِن قِيلِه فيهم على يَقينٍ) ، فالآيةُ فيها تحريمُ ظَنِّ السُّوءِ بأهلِ الخَيرِ .

انظر أيضا:

  1. (1) رواه مسلم (2812) من حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما.
  2. (2) رواه مطوَّلًا البخاري (4015) واللفظ له، ومسلم (2961).
  3. (3) ((جامع بيان العلم وفضلهـ)) لابن عبد البر (1/571).
  4. (4) فراه يَفْريه فَرْيًا: شَقَّه شَقًّا. انظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (39/229).
  5. (5) ((جامع بيان العلم وفضلهـ)) لابن عبد البر (1/571).
  6. (6) ((تأويل آي القرآن)) لابن جرير (21/373، 374(.
  7. (7) ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 242).