موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: العَدلُ في الهِباتِ والهدايا


يجِبُ العدلُ بَينَ الأولادِ في الهِبةِ [145] وهذا مَذهبُ الحَنابِلةِ، وبعضِ الحَنفيَّةِ، وقَولٌ عندَ المالِكيَّةِ، وبعضِ الشَّافعيَّةِ، وهو مَذهبُ الظَّاهريَّةِ، وقَولُ بَعضِ السَّلَفِ، واختارَهُ العزُّ بنُ عبدِ السَّلامِ، وابنُ تَيميَّةَ، وابنُ القيِّمِ، وابنُ بازٍ، وابنُ عُثَيمينَ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ. يُنظر: ((الفروع)) لابن مفلح (7/412)، ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (4/444)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني لأبي الحسن المالكي)) (2/261، 262)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/307)، ((المحلى)) لابن حزم (8/95، 97)، ((المغني)) لابن قدامة (6/52)، ((قواعد الأحكام)) للعز بن عبد السلام (2/140)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (3/294)، ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (4/255)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (6/377)، ((الدروس الفقهية من المحاضرات الجامعية)) لابن عثيمين (3/52)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (16/197). وحُكيَ الإجماعُ على استِحبابِ العدلِ بيْنَ الأولادِ في العطيَّةِ؛ قال ابنُ قُدامةَ: (ولا خِلافَ بيْنَ أهلِ العِلمِ في استِحبابِ التَّسويةِ وكَراهةِ التَّفضيلِ). ((المغني)) (6/53). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((سألَتْ أمِّي أبِي بعضَ المَوهِبةِ لِي مِن مالِه، ثمَّ بدَا لَه فوَهَبَها لي، فقالت: لا أَرضَى حتَّى تُشْهِدَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، فأَخَذَ بيدِي وأنَا غُلامٌ، فأَتَى بي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: إنَّ أمَّهُ بنتَ رَواحَةَ سأَلَتْني بعضَ المَوهِبةِ لهذا، قال: ألَكَ ولَدٌ سِوَاهُ؟ قال: نَعَم، قالَ: فَأُرَاهُ قال: لا تُشْهِدْني شَهَادَةَ جَوْرٍ)) [146] أخرجه البخاري (2650). .
وفي رِوايةٍ قال: ((أعطاني أبِي عطيَّةً، فقالَت عَمْرَةُ بنتُ رَواحةَ: لا أرضَى حتَّى تُشهِدَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنِّي أعطَيتُ ابنِي مِن عَمْرةَ بنتِ رَواحةَ عَطيَّةً، فأمرَتْني أنْ أُشهِدَك يا رسولَ اللهِ، قال: أعطَيتَ سائرَ ولَدِك مِثلَ هذا؟ قال: لا، قال: فاتَّقُوا اللهَ واعدِلُوا بيْنَ أولادِكُم. قال: فرَجَع فرَدَّ عطيَّتَهـ)) [147] أخرجها البخاري (2587). .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سمَّاهُ جَورًا، وأمَرَ برَدِّه، وامتَنَعَ مِنَ الشَّهادةِ عليه، والجَورُ حَرامٌ [148] ((المغني)) لابن قدامة (6/52). .
أمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ تَفضيلَ بعضِهم يُورِثُ بيْنَهمُ العَداوةَ والبَغضاءَ وقطيعةَ الرَّحِمِ؛ فمُنِع منه، كتَزويجِ المرأةِ على عمَّتِها أو خالَتِها [149] ((المغني)) لابن قدامة (6/52). .

انظر أيضا: