موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: التَّسميةُ والدُّعاءُ قَبلَ الجِماعِ


تُستَحَبُّ التَّسميةُ قَبلَ الوِقاعِ، وأن يَدعوَ بالدُّعاءِ المَأثورِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَو أنَّ أحَدَهم إذا أرادَ أن يَأتيَ أهلَه قال: باسمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنا الشَّيطانَ، وجَنِّبِ الشَّيطانَ ما رَزَقتَنا؛ فإنَّه إن يُقَدَّرْ بَينَهما ولَدٌ في ذلك لَم يَضُرَّه شَيطانٌ أبَدًا [23] قال عِياضٌ: (قيل لهذا الضُّرِّ: هو ألَّا يَصرَعَ ذلك المَولودَ، وقيل: لا يَطعُنُ فيه الشَّيطانُ عِندَ وِلادَتِه... ولم يَحمِلْه أحَدٌ على العُمومِ في جَميعِ الضَّرَرِ والوَسوَسةِ والإغواءِ). ((إكمال المعلم)) (4/ 610). وتَعَقَّب هذا أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ، فقال: (أمَّا قَصرُه على الصَّرعِ وَحدَه فليسَ بشَيءٍ؛ لأنَّه تَحَكُّمٌ بغَيرِ دَليلٍ، مَعَ صَلاحيةِ اللَّفظِ له ولغَيرِه. وأمَّا القَولُ الثَّاني ففاسِدٌ، بدَليلِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «كُلُّ مَولودٍ يَطعُنُ الشَّيطانُ في خاصِرَتِه إلَّا ابنَ مَريَمَ؛ فإنَّه جاءَ يُريدُ أن يَطعُنَه فطَعنَ في الحِجابِ» [أخرجه البخاري (3286)، ومسلم (2366) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنهـ)، هذا يَدُلُّ على أنَّ النَّاجيَ مِن هذا الطَّعنِ إنَّما هو عيسى وحدَه عليه السَّلامُ؛ وذلك لخُصوصِ دَعوةِ أمِّ مَريَم؛ حَيثُ قالت: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [آل عمران: 36] ، ثُمَّ إنَّ طَعنَه ليسَ بضَرَرٍ، ألَا تَرى أنَّه قد طَعنَ كَثيرًا مِنَ الأولياءِ والأنبياءِ ولم يَضُرَّهم ذلك. ومَقصودُ هذا الحَديثِ -واللَّهُ تعالى أعلمُ-: أنَّ الولدَ الذي يُقالُ له ذلك يُحفَظُ مِن إضلالِ الشَّيطانِ وإغوائِه، ولا يَكونُ للشَّيطانِ عليه سُلطانٌ؛ لأنَّه يَكونُ مِن جُملةِ العِبادِ المَحفوظَينِ، المَذكورينَ في قَولِه تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الحجر: 42] و [الإسراء: 65] ، وذلك ببَرَكةِ نيَّةِ الأبَوينِ الصَّالحَينِ، وبَرَكةِ اسمِ اللهِ تعالى، والتَّعَوُّذِ به، والالتِجاءِ إليه. وكَأنَّ هذا شَوبٌ مِن قَولِ أمِّ مَريَمَ: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [آل عمران: 36] . ولا يُفهَمُ مِن هذا نَفيُ وَسوَسَتِه وتَشعيثِه وصَرعِه؛ فقد يَكونُ كُلُّ ذلك، ويَحفظُ اللهُ تعالى ذلك الولدَ مِن ضَرَرِه في قَلبِه ودينِه، وعاقِبةِ أمرِه. واللهُ تعالى أعلَمُ). ((المفهم)) (4/ 159، 160). وقيل غَيرُ ذلك، يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 229). ) [24] أخرجه البخاري (6388)، ومسلم (1434). .

انظر أيضا: