موسوعة الآداب الشرعية

فَوائِدُ ومَسائِلُ:


1- قال ابنُ قُدامةَ: (يُستَحَبُّ لمَن أرادَ التَّزَوُّجَ أن يختارَ ذاتَ الدِّينِ، ويُستَحَبُّ أن تَكونَ مِن نِساءٍ يُعرَفنَ بكَثرةِ الوِلادةِ... ويَختارُ ذاتَ العَقلِ، ويَجتَنِبُ الحَمقاءَ؛ لأنَّ النِّكاحَ يُرادُ للعِشرةِ، ولا تَصلُحُ العِشرةُ مَعَ الحَمقاءِ، ولا يَطيبُ العَيشُ مَعَها، ورُبَّما تَعَدَّى ذلك إلى ولَدِها. وقد قيلَ: اجتَنِبوا الحَمقاءَ؛ فإنَّ ولَدَها ضَياعٌ، وصُحبَتَها بَلاءٌ. ويَختارُ الحَسيبةَ؛ ليَكونَ ولَدُها نَجيبًا؛ فإنَّه رُبَّما أشبَهَ أهلَها، ونَزَعَ إليهم. وكان يُقالُ: إذا أرَدتَ أن تَتَزَوَّجَ امرَأةً فانظُرْ إلى أبيها وأخيها) [19] يُنظر: ((المغني)) (7/ 108، 109). .
2- قال ابنُ الجَوزيِّ: (يَنبَغي للمُتَخَيِّرِ أن يَتَفرَّسَ الأخلاقَ؛ فإنَّها مِنَ الخَفيِّ، وإنَّ الصُّورةَ إذا خَلَت مِنَ المَعنى كانت كَخَضراءِ الدِّمَنِ [20] خَضراءُ الدِّمَنِ: الشَّجَرةُ النَّاضِرةُ في دِمنةِ البَعرِ، وأصلُ الدِّمَنِ: ما تُدمِنُه -أي: تُلَبِّدُه- الإبِلُ والغَنَمُ مِن أبعارِها وأبوالِها، فرُبَّما نَبَتَ فيها النَّباتُ الحَسَنُ، وأصلُه في دِمنةٍ، فمَنظَرُها حَسَنٌ أنيقٌ، ومَنبَتُها فاسِدٌ، وتُشَبَّهُ المَرأةُ الحَسناءُ في مَنبتِ السُّوءِ بها، ولعَلَّها تَنزِعُ إلى مَنبتِها، فيُرادُ بخَضراءِ الدِّمَنِ: أن يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امرَأةً لها تَمامٌ وكَمالٌ وجَمالٌ، وهيَ لئيمةُ الحَسَبِ، فتُشبَّهُ بالبَقلةِ الخَضراءِ في دِمنةٍ مِنَ الأرضِ خَبيثةٍ. يُنظر: ((العين)) للخليل (4/ 176)، ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (2/ 491)، ((الألفاظ)) لابن السكيت (ص: 241)، ((الغريبين)) للهروي (2/ 653). ، ونَجابةُ الولَدِ مَقصودةٌ... فمَن قدَرَ على امرَأةٍ صالحةٍ في الصُّورةِ والمَعنى فليُغمِضْ عن عَوراتِها) [21] ((صيد الخاطر)) (ص: 63، 64). .
3-قال ابنُ باديسَ في قَولِه تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [الفرقان: 74] : (المَعنى: ومِن صِفاتِ عِبادِ الرَّحمَنِ أنَّهم يَدعونَ رَبَّهم، يَسألونَه أن يَهَبَ لهم أزواجًا وذُرِّيَّةً، تَقَرُّ بهم أعيُنُهم، بأن يَكونوا مَوصوفينَ بمِثلِ صِفاتِهم سائِرينَ على مِنهاجِهم، مُعِينينَ لهم على ما هم عليه، ويَسألونَه أن يَكونوا على أكمَلِ حالٍ في العِلمِ والعَمَلِ والاستِقامةِ، يَقتَدي بهم فيها المُتَّقونَ.
الأحكامُ: الأوَّلُ: التَّزَوُّجُ وطَلَبُ النَّسلِ هو السُّنَّةُ؛ سُنَّةُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ، وسُنَّةُ أصحابِه عليهمُ الرِّضوانُ، وسُنَّةُ عِبادِ الرَّحمَنِ، وليسَ مِن شَريعَتِه الحَنيفيَّةِ السَّمحةِ: الرَّهبانيَّةُ والتَّبَتُّلُ.
الثَّاني: سُؤالُ العَبدِ مِن رَبِّه أن يَهَبَ له مِنَ الزَّوجِ والذُّرِّيَّةِ ما تَقَرُّ به عَينُه، يَقتَضي سَعيَه بقدرِ استِطاعَتِه لتَحصيلِ ذلك فيهما؛ ليَقومَ بالسَّبَبَينِ المَشروعَينِ مِنَ السَّعيِ والدُّعاءِ؛ فعليه أن يَختارَ ويَجتَهدَ عِندَما يُريدُ التَّزَوُّجَ، وأن يَقصِدَ إلى ذاتِ الدِّينِ.
وفي اختيارِه واجتِهادِه في جانِبِ الزَّوجةِ سَعيٌ في اختيارِ الوَلَدِ؛ فإنَّ الزَّوجةَ الصَّالحةَ شَأنُها أن تُرَبِّيَ أولادَها على الخَيرِ والصَّلاحِ.
ثُمَّ عليه أن يَقومَ بتَعليمِ زَوجِه وأولادِه، وتَهذيبِهم وإرشادِهم، فيَكونَ قد قامَ بما عليه في الابتِداءِ والاستِمرارِ، مَعَ دَوامِ التَّضَرُّعِ إلى اللهِ تعالى والابتِهالِ) [22] يُنظر: ((مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)) (ص: 237، 238). .

انظر أيضا: