موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: المُحافَظةُ على وقتِ العَمَلِ


يَجِبُ على الموظَّفِ أن يُحافِظَ على وقتِ العَمَلِ الذي اشتُرِطَ عليه، ويَنضَبِطَ في الحُضورِ والانصِرافِ حَسَبَ ما اتُّفِقَ عليه [154] سُئِلَ ابنُ عُثيمين: النِّظامُ الذي هو الدَّوامُ الرَّسميُّ للدَّولةِ تَجِدُ البَعضَ يَأتي مُتَأخِّرًا نِصفَ ساعةٍ أو يَنصَرِفُ مِنَ العَمَلِ قَبلَ انتِهاء الدَّوامِ بنِصفِ ساعةٍ، وأحيانًا يَتَأخَّرُ ساعةً أو أكثَرَ، فما الحُكمُ في ذلك؟ فأجابَ: (الظَّاهِرُ أنَّ هذا لا يَحتاجُ إلى جَوابٍ؛ لأنَّ العِوضَ يَجِبُ أن يَكونَ في مُقابِلِ المُعَوَّضِ، فكَما أنَّ الموظَّفَ لا يَرضى أن تَنقُصَ الدَّولةُ مِن راتِبِه شَيئًا، فكذلك يَجِبُ ألَّا يَنقُصَ مِن حَقِّ الدَّولةِ شَيئًا، فلا يَجوزُ للإنسانِ أن يَتَأخَّرَ عنِ الدَّوامِ الرَّسميِّ، ولا أن يَتَقدَّمَ قَبلَ انتِهائِهـ). ((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء رقم: 9). وجاءَ في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائِمةِ: (خُروجُ الموظَّفِ أثناءَ عَمَلِه للبَيعِ والشِّراءِ لا يَجوزُ، سَواءٌ أُذِن لَه مِن قِبَلِ المَسؤولِ عن عَمَلِه أم لا؛ لِما في ذلك مِن أمرِ مُخالَفةِ وُلاةِ الأمرِ بمَنعِ ذلك، ولِما فيه مِن إضاعةِ عَمَلِه الذي اؤتُمِنَ عليه؛ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عليه إضُاعة حُقوقِ المُسلِمينَ المُرتَبِطينَ بعَمَلِه، والإخلالِ بالقيامِ به على أكمَلِ وَجهٍ). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (23/ 415، 416). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ-مِنَ الكِتابِ
قَولُ اللهِ تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: 58] .
يَأمُرُ تعالى بأداءِ الأماناتِ إلى أهلِها، وهذا يَعُمُّ جَميعَ الأماناتِ الواجِبةِ على الإنسانِ، مِن حُقوقِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ على عِبادِه، ومِن حُقوقِ العِبادِ بَعضِهم على بَعضٍ، وحُكمُ الآيةِ عامٌّ؛ ولِهذا قال ابنُ عبَّاسٍ ومُحَمَّدُ ابنُ الحَنَفيَّةِ: هيَ للبَرِّ والفاجِرِ، أي: هيَ أمرٌ لكُلِّ أحَدٍ [155] يُنظر: ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 338، 341). .
ب-مِنَ السُّنَّةِ
قَولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُسلِمونَ على شُروطِهم)) [156] أخرجه البخاري مُعَلَّقًا بصيغة الجَزم قَبل حَديث (2274) دونَ ذِكرِ راويه، وأخرجه مَوصولًا أبو داود (3594) واللَّفظُ له من حديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. حَسَّنه المناوي في ((كشف المناهج)) (2/520)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن الدارقطني)) (2890)، وقال النووي في ((المجموع)) (9/376): إسنادُه حَسَنٌ أو صَحيحٌ، وحَسَّن إسنادَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيهـ)) (2/54)، وابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (2/69)، وذَكَرَ ثُبوتَه ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/322). وذَهَب إلى تَصحيحِه ابنُ القَيِّمِ في ((الفروسية)) (164)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (6714). .

انظر أيضا: