موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: المُحافظةُ على النَّظافةِ


يَنبَغي للإنسانِ أن يَتَعاهَدَ نَظافةَ جَسَدِه كُلِّه [43] ومِن ذلك: سُنَنُ الفِطرةِ. فعن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عَشرٌ مِنَ الفِطرةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعفاءُ اللِّحيةِ، والسِّواكُ، واستِنشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظفارِ، وغَسلُ البَراجِمِ، ونَتفُ الإبطِ، وحَلقُ العانةِ، وانتِقاصُ الماءِ))، قال زَكَريَّا: قال مُصَعِّبٌ: ونَسيتُ العاشِرةَ، إلَّا أن تَكونَ المَضمَضةَ. رواه مُسلم (261). وغَسلُ البَراجِمِ مَعناه: تَنظيفُ المَواضِعِ التي تَتَشَنَّجُ ويَجتَمِعُ فيها الوسَخُ، وأصلُ البَراجِمِ العُقَدُ التي تَكونُ في ظُهورِ الأصابعِ، والرَّواجِبُ: ما بَين البَراجِمِ، فبَين كُلِّ بُرجُمَتَينِ راجِبةٌ، وواحِدةُ البَراجِمِ بُرجُمةٌ. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (1/ 31، 32)، ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (3/ 105) و(4/ 397). وانتِقاصُ الماءِ: يَعني الاستِنجاءَ؛ وذلك أنَّه إذا غُسِل الذَّكَرُ بالماءِ ارتَدَّ البَولُ ولم يَنزِلْ، وإن لم يُغسَلْ نَزَل مِنه الشَّيءُ حتَّى يَستبرئَ. وليسَ مَعنى الحَديثِ أنَّه سَمَّى البَولَ ماءً، ولكِنَّه أرادَ انتِقاصَ البَولِ بالماءِ إذا غُسِل به. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (3/ 400)، ((صحيح مسلم)) (261). ؛ فإنَّ لهذا تَأثيرًا في المُحافظةِ على صِحَّتِه، كَما أنَّ في إهمالِ النَّظافةِ مَضارَّ لا تَخفى.
فائدةٌ فيما تَنبغي العِنايةُ بنَظافتِه
1-نَظافةُ العُيونِ وصِحَّةُ النَّظَرِ:
-يَجِبُ الاعتِناءُ بغَسلِ الوَجهِ والعَينَينِ بالماءِ النَّقيِّ والصَّابُّونِ في كُلِّ صَباحٍ؛ فإنَّ ذلك مِن مُقتَضَياتِ النَّظافةِ.
-يَلزَمُ طَردُ الذُّبابِ بَعيدًا عنِ الأعيُنِ؛ لأنَّه واسِطةُ العَدوى، كَما أنَّه يَجِبُ تَوَقِّي الأترِبةِ والغُبارِ... وبالإجمالِ: يَنبَغي الاهتِمامُ في إبعادِ كُلِّ ما يَضُرُّ النَّظَرَ.
-تَجَنُّبُ إطالةِ النَّظَرِ في الأشياءِ الدَّقيقةِ، أي: الرَّفيعةِ جِدًّا، وكَذا في الأنوارِ السَّاطِعةِ الباهرةِ، مِثلُ: القَمَرِ وعَينِ الشَّمسِ؛ لأنَّ ذلك يَضُرُّ بالبَصَرِ.
2- نَظافةُ وصِحَّةُ الفَمِ:
-يُمَضمِضُ الفَمَ كُلَّ صَباحٍ بالماءِ النَّقيِّ الطَّاهرِ؛ ففي ذلك مَزايا صِحِّيَّةٌ.
-يَنبَغي لحِفظِ الأسنانِ: أن تُنَظَّفَ كُلَّ حينٍ، لا سيَّما بَعدَ تَناوُلِ الأغذيةِ، وذلك بالسِّواكِ أو بفُرشاةِ الأسنانِ، وخاصَّةً قَبلَ النَّومِ وبَعدَه.
-يَنبَغي الاعتِناءُ بغَسلِ الفَمِ، وتَسويكُه بالمِسواكِ قَبلَ كُلِّ صَلاةٍ.
3-نَظافةُ الأنفِ وصِحَّةُ الشَّمِّ:
-يَجِبُ الاعتِناءُ بتَنظيفِ الأنفِ جَيِّدًا بالماءِ في أوقاتِ الغَسلِ، وبالمِنديلِ في غَيرِها.
-شَمُّ الأزهارِ والرَّوائِحِ العِطريَّةِ النَّقيَّةِ تُنعِشُ الجِسمَ.
-شَمُّ الرَّوائِحِ الكَريهةِ يُحدِثُ تَأثيرًا سَلبيًّا سَيِّئًا على النَّفسِ، فيُبتَعَدُ عنها.
4-نَظافةُ الأُذُنِ وصِحَّةُ السَّمعِ:
- عِندَ غَسلِ الوَجهِ: يُغسَلُ باطِنُ وظاهِرُ الأُذُنَينِ، ويُنَشَّفانِ في الحالِ باعتِناءٍ.
- الضَّجيجُ والأصواتُ الشَّديدةُ تُضعِفُ السَّمعَ، فيُبتَعَدُ عنها.
- أصواتُ زَقزَقةِ العَصافيرِ وخَريرِ الماءِ في الجَداوِلِ والأنهارِ والخُروجُ إلى الحَدائِقِ والمُنتَزَهاتِ: يُنشِّطُ البَدَنَ، ويُريحُ الأعصابَ، ويُفيدُ السَّمعَ والبَصَرَ.
5- نَظافةُ الأيدي:
- ((إذا استَيقَظَ أحَدُكُم مِن نَومِه فليَغسِلْ يَدَه قَبلَ أن يُدخِلَها في وَضوئِه؛ فإنَّ أحَدَكُم لا يَدري أينَ باتَت يَدَهـ)) حَديثٌ شَريفٌ [44] أخرجه البخاري (162) واللَّفظُ له، ومسلم (278). .
-غَسلُ اليَدَينِ قَبلَ الطَّعامِ مِنَ السُّنَنِ المَشروعةِ؛ فاعمَلْ بها.
-تُغسَلُ الأيدي عِندَ مُلامَسَتِها أشياءَ قَذِرةً، أو تَعَرُّضِها للتَّلوُّثِ.
-يَلزَمُ تَقليمُ الأظفارِ خَشيةَ أن تَطولَ وتَجتَمِعَ حَولَها الأوساخُ، فتُسَبِّبَ لصاحِبِها الأمراضَ.
6- نَظافةُ الرَّأسِ والجَسَدِ وصِحَّةُ الجِلدِ:
-يَلزَمُ لحِفظِ الشَّعرِ: الاعتِناءُ بنَظافتِه وتَسريحِه، ووِقايَتِه مِنَ الوساخةِ، وتَخفيفُ الشَّعرِ في زَمَنِ الصَّيفِ.
-يَنبَغي الاستِحمامُ، ولو في كُلِّ أُسبوعٍ مَرَّةً على الأقَلِّ.
-نَظافةُ الجِسمِ واجِبةٌ شَرعًا، ولها مَزايا صِحِّيَّةٌ أدَبيَّةٌ، فضلًا عن أنَّ تَنظيفَ الجِسمِ يَشرَحُ الصَّدرَ، ويَكسِبُه نَشاطًا وقوَّةً.
7-نَظافةُ الأقدامِ:
-مِنَ الضَّروريِّ جِدًّا الاعتِناءُ بنَظافةِ الأقدامِ جَيِّدًا، وغَسلُها في كُلِّ يَومٍ، وقد تَكَفَّل الوُضوءُ بهذا الأمرِ الصِّحِّيِّ.
-إنَّ الإهمالَ في غَسلِ الأقدامِ ومُلازَمةَ الجَوارِبِ لها يَضُرُّ بها، ويُحدِثُ فيها رائِحةً كَريهةً) [45] يُنظر: ((آداب الفتى)) (ص: 85-92). .

انظر أيضا: