موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: إحسانُ الظَّنِّ بالمُخالفِ وحَملُ كَلامِه على أحسَنِ مَحامِلِ

يَنبَغي إحسانُ الظَّنِّ بالمُخالفِ وحَملُ كَلامِه على أحسَنِ مَحامِلِه ما دامَ يَحتَمِلُ ذلك [2348] يُنظر: ((إنصاف أهل السنة والجماعة ومعاملتهم لمخالفيهم)) لمحمد العلي (ص: 77)، ((فقه الرد على المخالف)) لخالد السبت (ص: 35، 202)، ((منهجية التعامل مع المخالفين)) لسليمان الماجد (ص: 119). .
عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ قال: (كتب إليَّ بعضُ إخواني من أصحابِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنْ ضَعْ أمرَ أخيك على أحسَنِه ما لم يأتِك ما يَغلِبُك، ولا تَظُنَّنَّ بكَلِمةٍ خرَجَت من امرئٍ مُسلمٍ شَرًّا وأنت تجِدُ له في الخيرِ مَحمَلًا) [2349] رواه أبو الشيخ في ((التوبيخ والتنبيهـ)) (160)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (8345) واللفظ له. .
وعَنِ الرَّبيعِ بنِ سُلَيمانَ، قال: (دَخَلتُ على الشَّافِعيِّ وهو مَريضٌ، فقُلتُ له: قَوَّى اللهُ ضَعفكَ. فقال: لَو قَوَّى ضَعفي قَتَلَني. فقُلتُ: واللهِ ما أرَدتُ إلَّا الخَيرَ. قال: أعلَمُ أنَّكَ لَو شَتَمتَني لَم تُرِدْ إلَّا الخَيرَ) [2350] ((آداب الشافعي ومناقبهـ)) لابن أبي حاتم (ص: 209). .
قال ابنُ تيميَّةَ: (ومِن أعظَمِ التَّقصيرِ نِسبةُ الغَلَطِ إلى مُتَكَلِّمٍ مَعَ إمكانِ تَصحيحِ كَلامِه وجَرَيانِه على أحسَنِ أساليبِ كَلامِ النَّاسِ، ثُمَّ يَعتَبرُ أحَدَ المَوضِعَينِ المُتَعارِضَينِ بالغَلَطِ دونَ الآخَرِ) [2351] ((مجموع الفتاوى)) (31/ 114). .
وقال عَنِ الفخرِ الرَّازيِّ: (ومِنَ النَّاسِ مَن يُسيءُ به الظَّنَّ، وهو أنَّه يَتَعَمَّدُ الكَلامَ الباطِلَ، وليس كذلك، بَل تَكَلَّمَ بحَسَب مَبلَغِه مِنَ العِلمِ والنَّظَرِ والبَحثِ في كُلِّ مَقامٍ بما يَظهَرُ له، وهو مُتَناقِضٌ في عامَّةِ ما يَقولُه؛ يُقَرِّرُ هنا شَيئًا ثُمَّ يَنقُضُه في مَوضِعٍ آخَرَ؛ لأنَّ المَوادَّ العَقليَّةَ التي كان يَنظُرُ فيها مِن كَلامِ أهلِ الكَلامِ المُبتَدعِ المَذمومِ عِندَ السَّلَفِ ومِن كَلامِ الفلاسِفةِ الخارِجينَ عَنِ المِلَّةِ يَشتَمِلُ على كَلامٍ باطِلٍ - كَلامُ هَؤُلاءِ وكَلامُ هَؤُلاءِ- فيُقَرِّرُ كَلامَ طائِفةٍ بما يُقَرِّرُ به ثُمَّ يَنقُضُه في مَوضِعٍ آخَرَ بما يَنقُضُ بهـ) [2352] ((مجموع الفتاوى)) (5/ 561). .
وقال أيضًا في قولِ الجُنَيدِ: (التَّوحيدُ إفرادُ القِدَمِ مِنَ الحَدَثِ): (هذا الكَلامُ فيه إجمالٌ، والمُحِقُّ يَحمِلُه مَحمَلًا حَسَنًا، وغَيرُ المُحِقِّ يُدخِلُ فيه أشياءَ) [2353] ((الاستقامة)) (1/ 92). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (والكَلمةُ الواحِدةُ يَقولُها اثنانِ، يُريدُ بها أحَدُهما أعظَمَ الباطِلِ، ويُريدُ بها الآخَرُ مَحضَ الحَقِّ، والاعتِبارُ بطَريقةِ القائِلِ وسيرَتِه ومَذهَبِه، وما يَدعو إليه ويُناظِرُ عليهـ) [2354] ((مدارج السالكين)) (3/ 481). .

انظر أيضا: