موسوعة التفسير

سورةُ التَّوبةِ
الآيات (75-78)

ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ

غريب الكلمات:

فَأَعْقَبَهُمْ: أي: أورَثَهم، وأصلُ (عقب): يدلُّ على تأخيرِ شيءٍ، وإتيانِه بعدَ غيرِه [1333] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/77)، ((المفردات)) للراغب (ص: 276، 575)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 129). .
وَنَجْوَاهُمْ: أي: حَديثَهم بينهم، وأصلُ (نجو): يدلُّ على سَترٍ وإخفاءٍ [1334] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/397)، ((المفردات)) للراغب (ص: 792- 793)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 143)، ((تفسير ابن كثير)) (7/241))، ((الكليات)) للكفوي (ص: 917). .

المعنى الإجمالي:

يخبِرُ تعالى أنَّ مِن المُنافِقينَ مَن عاهد اللهَ لَئِن رزَقَهم مِن فَضلِه لَيُخرِجَنَّ الصَّدقةَ، ولَيكونَنَّ من الصَّالحينَ الذين يؤدُّونَ حَقَّ اللهِ وحَقَّ عِبادِه، فلمَّا رزَقَهم اللهُ مِن فَضلِه بَخِلوا به، وتوَلَّوا عن طاعةِ اللهِ تعالى، والوفاءِ بِعَهدِه، مُعرِضينَ ومُنصَرفينَ عن ذلك، فجعل اللهُ عاقبةَ ذلك نِفاقًا في قلوبِهم، يستمِرُّ معهم إلى يومِ يُتوَفَّونَ ويَلقَونَ اللهَ؛ بسبَبِ إخلافِهم اللهَ ما وَعَدوه، وبسببِ كَذِبِهم في كلامِهم.
ألم يعلَمْ هؤلاءِ المُنافِقونَ أنَّ الله يعلمُ ما يُخفونَه وما يتَناجَونَ به، وأنَّه تعالى علَّامٌ لِجَميعِ ما غابَ عن حواسِّ خَلْقِه.

تفسير الآيات:

وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا ختم الله تعالى الآية السابقة بأنَّه أغناهم من فضلِه؛ أتبَعَها بإقامةِ الدَّليلِ عليها، وعلى أنَّهم يَقبِضونَ أيديَهم، وعلى اجترائِهم على أقبَحِ الكَذِبِ، فقال تعالى [1335] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (8/552). :
وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ .
أي: ومِن المُنافِقينَ من أعطى اللهَ عَهدًا بقَولِه: واللهِ لَئِن رَزَقَنا اللهُ مِن فَضلِه، لنُخرِجَنَّ الصَّدَقةَ ممَّا أعطانا [1336] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/576، 577)، ((معاني القرآن)) للزجاج (2/462)، ((البسيط)) للواحدي (10/558)، ((تفسير الرازي)) (16/106)، ((تفسير ابن كثير)) (4/183)، ((تفسير الشوكاني)) (2/438)، ((تفسير القاسمي)) (5/458)، ((تفسير السعدي)) (ص: 345)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/272). قال الشوكاني: (ومعنى: لَنَصَّدَّقَنَّ لَنُخرِجُ الصَّدقةَ، وهي أعَمُّ من المفروضةِ وغيرِها). ((تفسير الشوكاني)) (2/438). ما ورد في أنَّ ثعلبةَ بنَ حاطبٍ هو سببُ نزولِ هذه الآياتِ، لا يصحُّ؛ ضعَّفه ابنُ حزم في ((المحلى)) (11/207)، والقرطبي في ((تفسيره)) (10/306)، والذهبي في ((تجريد أسماء الصحابة)) (1/66)، وأحمد شاكر في تحقيق ((تفسير الطبري)) (14/371)، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) (1607)، وضعَّف إسنادَه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (5/290)، والزيلعي في ((تخريج الكشاف)) (2/85)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (3/334)، والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/34)، وابن حجر في ((الكافي الشاف)) (132)، والسيوطي في ((لباب النقول)) (157). .
وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ.
أي: ولَنكونَنَّ- إن بسَطَ اللهُ علينا الرِّزقَ- من جملةِ الصَّالحينَ الذين يؤدُّونَ حَقَّ اللهِ وحَقَّ عبادِه [1337] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/577)، ((تفسير الرازي)) (16/107)، ((تفسير الشوكاني)) (2/438)، ((تفسير القاسمي)) (5/458)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/481، 482). .
فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76).
فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ.
أي: فلمَّا رزَقَهم اللهُ وأعطاهم مِن فَضلِه بَخِلوا بما آتاهم، فلم يُنْفِقوا منه في حقِّ الله، ولم يتصدَّقوا بشيءٍ منه، كما حلَفوا [1338] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/577)، ((تفسير القرطبي)) (8/212)، ((تفسير البيضاوي)) (3/90)، ((تفسير الشوكاني)) (2/438)، ((تفسير السعدي)) (ص: 345). .
وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ.
أي: وأدبَرُوا عن طاعةِ اللهِ تعالى والوفاءِ بِعَهدِه، مُعرِضينَ ومُنصَرفينَ عن ذلك [1339] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/577)، ((تفسير الشوكاني)) (2/438)، ((تفسير القاسمي)) (5/458)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/482)، ((تفسير السعدي)) (ص: 345). وقال القرطبي: (وَهُمْ مُعْرِضُونَ أي: عن الإسلامِ، أي: مُظهِرونَ للإعراضِ عنه). ((تفسير القرطبي)) (8/212). وقال النسفي: (وَهُمْ مُعْرِضُونَ مُصِرُّونَ على الإعراض). ((تفسير النسفي)) (1/696). وقال الشوكاني: (وَتَوَلَّوْا أي: أعرَضوا عن طاعةِ الله، وإخراجِ صَدَقاتِ ما أعطاهم اللهُ مِن فَضلِه، والحالُ أنَّهم مُعرِضونَ في جميعِ الأوقات، قبل أن يُعطيَهم اللهُ ما أعطاهم من الرِّزقِ وبعدَه). ((تفسير الشوكاني)) (2/438). وقال محمد رشيد رضا: (ولم يكُن تولِّيهم هذا أمرًا عارضًا شَغَلَهم عنه شاغِلٌ يزولُ بزوالِه، بل تولَّوا وهم مُعرِضونَ بكُلِّ قواهم، عن الصَّدقةِ والعمَلِ الصَّالح، فكان الإعراضُ صِفةً راسخةً فيهم، حاكمةً عليهم، بحيث إذا ذُكِّروا بما يجِبُ عليهم، لا يذكُرونَ، وإذا دُعُوا إليه لا يستجيبونَ). ((تفسير المنار)) (10/482). .
فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ (77).
فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ.
أي: فجعل اللهُ عاقبةَ أمرِهِم نِفاقًا كائنًا في قلوبِهم، متمكِّنًا منها، مستمرًّا فيها إلى يومِ يلقون الله تعالى، بموتِهم، وخروجِهم مِن الدُّنيا [1340] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/577)، ((البسيط)) للواحدي (10/564)، ((تفسير البغوي)) (2/373)، ((تفسير ابن عطية)) (3/62)، ((تفسير ابن الجوزي)) (2/283)، ((تفسير الرازي)) (16/108)، ((تفسير القرطبي)) (8/212)، ((تفسير البيضاوي)) (3/90)، ((تفسير الشوكاني)) (2/438)، ((تفسير القاسمي)) (5/458)، ((تفسير السعدي)) (ص: 345)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/272). وقيل: الضميرُ في قولِه: فَأَعْقَبَهُمْ يرجعُ إلى البخلِ، فالمعنى: أعقبهم بخلُهم بما نذروا نفاقًا. يُنظر: ((زاد المسير)) لابن الجوزي (2/283). قال ابن عاشور: (مَعنى إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ إلى يومِ الحَشرِ؛ لأنَّه يومُ لِقاءِ اللهِ للحِسابِ، أو إلى يومِ الموتِ؛ لأنَّ الموتَ لِقاءُ الله، كما في الحديث: «من أحبَّ لقاءَ اللهِ، أحَبَّ اللهُ لقاءَه» ). ((تفسير ابن عاشور)) (10/273). وقيل: إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ أي: يلقون عملَهم، أي جزاءَه، وهو يوم القيامةِ. يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (3/90). .
بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ.
أي: فجعل اللهُ في قلوبِهم النِّفاقَ، وحَرَمَهم التوبةَ منه؛ بسبَبِ إخلافِهم ما عاهدوا اللهَ عليه، مِن الصَّدَقةِ والصَّلاحِ؛ ولأنَّهم كانوا يَكذِبونَ في كلامِهم وعهدهم [1341] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/577)، ((البسيط)) للواحدي (10/565)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/650)، ((تفسير ابن كثير)) (4/184)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/482). .
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((آيةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حدَّثَ كَذَب، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا اؤتُمِنَ خان )) [1342] رواه البخاري (33)، ومسلم (59). .
وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أربَعٌ مَن كُنَّ فيه كان مُنافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خَصلةٌ منهنَّ كانت فيه خَصلةٌ مِن النِّفاقِ حتى يدَعَها: إذا اؤتُمِنَ خان، وإذا حدَّثَ كَذَب، وإذا عاهَد غَدَر، وإذا خاصَم فَجَر )) [1343] رواه البخاري (34) واللفظ له، ومسلم (58). .
أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا كانت المُعاهَدةُ سَببًا للإغناءِ في الظَّاهرِ، وكان ذلك ربَّما كان مَظِنَّةً لأنْ يتوهَّمَ مَن لا عِلمَ له أنَّ ذلك لخفاءِ أمرِ البَواطِنِ عليه سُبحانه، وكان الحُكمُ هنا واردًا على القَلبِ بالنِّفاقِ الذي هو أقبَحُ الأخلاقِ، مع عدمِ القُدرةِ لِصاحِبِه على التخلُّصِ منه، كان ذلك أدَلَّ دَليلٍ على أنَّه تعالى أعلَمُ بما في كلِّ قَلبٍ مِن صاحِبِ ذلك القَلبِ، فعَقَّبَ ذلك بالإنكارِ على مَن لا يعلَمُ ذلك، والتَّوبيخِ له والتَّقريعِ، فقال تعالى [1344] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (8/554). :
أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ.
أي: ألم يعلَمِ المُنافِقونَ الذين يُبطِنونَ الكُفرَ، ويُظهرونَ الإسلامَ، أنَّ اللهَ يعلَمُ ما يُخفونَه مِن الكُفرِ والنِّفاقِ، ويَعلَمُ ما يتناجَونَ به فيما بينهم مِن الطَّعنِ في الإسلامِ والمُسلِمينَ، وسيُجازيهم على أعمالِهم [1345] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/587)، ((تفسير ابن كثير)) (4/184)، ((تفسير الشوكاني)) (2/439)، ((تفسير القاسمي)) (5/459). ؟!
وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ.
أي: ألم يعلَمِ المُنافِقونَ أنَّ اللهَ يعلَمُ جَميعَ ما غاب عن حواسِّ خَلْقِه، لا يخفى عليه شَيءٌ مِن المغيَّباتِ [1346] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/587، 588)، ((تفسير الخازن)) (2/388)، ((تفسير ابن كثير)) (4/184)، ((تفسير الشوكاني)) (2/439)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/274). ؟!

الفوائد التربوية:

1- قال اللهُ تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ظاهِرُ هذه الآيةِ يدُلُّ على أن نَقضَ العَهدِ، وخُلفَ الوَعدِ يُورِثانِ النِّفاقَ، فيجِبُ على المُسلمِ أن يُبالِغَ في الاحترازِ عنهما، فإذا عاهدَ اللهَ في أمرٍ، فليجتَهِدْ في الوَفاءِ به [1347] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (16/108). .
2- قَولُ اللهِ تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ فيه دَلالةٌ على وُجوبِ الحَذَرِ مِن إحداثِ الأفعالِ الذَّميمةِ؛ فإنَّها تُفسِدُ الأخلاقَ الصَّالحةَ، ويزدادُ الفَسادُ تمكُّنًا مِن النَّفسِ بطبيعةِ التولُّدِ الذي هو ناموسُ الوُجودِ [1348] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/273). .
3- قال الله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ هذا بيانٌ عما يُوجِبُه الكَذِبُ مع إخلافِ الوعدِ مِن النِّفاقِ، فمن أخلَفَ في المواثيقِ مع اللهِ، فقد تعرَّضَ للنِّفاقِ، وكان جزاؤُه مِن اللهِ إفسادَ قلْبِه بما يُكسِبُه النِّفاقَ [1349] يُنظر: ((البسيط)) للواحدي (10/565). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ اللهِ تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ أعاد اللَّامَ الواقعةَ في جوابِ القَسَمِ في (لنكُوننَّ)؛ لتأكيدِ العَزمِ على الاستعانةِ، والتوسُّلِ بفَضلِ المالِ إلى الاستقامةِ على منهجِ الصَّلاحِ، بما هو وراءَ الصَّدَقاتِ، التي عقَدُوا العَهدَ والقَسَمَ عليها [1350] يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/482). .
2- دلَّ قولُه تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ على صِحَّةِ تَعليقِ النَّذرِ بالمِلْكِ، مِثلُ قَولِ القائل: إنْ رزَقَني اللهُ مالًا فلِلَّه عليَّ أنْ أتصدَّقَ به أو بشيءٍ منه، فهذا يصِحُّ اتِّفاقًا [1351] يُنظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/495). .
3- قَولُ الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ فيه أنَّ إخلافَ الوَعدِ والكَذِبَ، مِن خِصالِ النِّفاقِ، فيكونُ الوفاءُ والصِّدقُ مِن شُعَبِ الإيمانِ [1352] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص:143). .
4- قَولُ الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ فيه المعاقبةُ على الذَّنبِ بما هو أشَدُّ منه [1353] يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (3/62)، ((الإكليل)) للسيوطي (ص:143). .
5- قَولُ الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ استدلَّ به قومٌ على أنَّ مَن حلَفَ إن فعَلَ كذا، فللَّهِ عليَّ كذا، أنَّه يلزَمُه [1354] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص:143). .
6- قولُه تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ النِّفاقُ إذا كان في القَلبِ، فهو الكُفرُ، فأمَّا إذا كان في الأعمالِ فهو معصيةٌ، قال النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أربعٌ مَن كُنَّ فيه كان منافِقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خصلةٌ منهنَّ كانت فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حتَّى يَدَعَها إذا اؤْتُمِنَ خانَ، وإذا حَدَّث كَذَب، وإذا عاهدَ غَدَرَ ، وإذا خاصَم فَجَرَ )) [1355] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (8/212). والحديثُ أخرجه البخاري (34)، واللفظ له، ومسلم (58) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. .
7- قَولُ اللهِ تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ عُطِفَت النَّجوى على السِّرِّ مع أنَّه أعَمُّ منها؛ لينبِّئَهم باطِّلاعِه على ما يتناجَونَ به من الكيدِ والطَّعنِ [1356] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/274). .

بلاغة الآيات:

1- قوله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ
قولُه: وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ عبَّرَ عَنْ كَذِبِهِم بصيغةِ كَانُوا يَكْذِبُونَ لدَلالةِ كَانَ على أنَّ الكَذِبَ كائنٌ فيهم، ومُتمكِّنٌ منهم، ودَلالةِ المُضارِعِ يَكْذِبونَ على تَكرُّرِهِ وتَجدُّدِه [1357] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/273). ، واستمرارِه؛ لأنَّ ذلك شأنُهم الدَّائِمُ، الذي هو أخَصُّ لوازمِ النِّفاقِ، بينما عبَّرَ عن إخلافِهم الوعدَ بالفِعلِ الماضي، فقال: بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ؛ لأنَّه في حادثةٍ وَقَعَت [1358] يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/482). .
2- قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اسْتِفهامٌ تَضمَّنَ التَّوبيخَ والتَّقريعَ والتَّهديدَ [1359] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (5/467)، ((تفسير أبي السعود)) (4/86). .
وإظهارُ اسْمِ الجلالةِ اللَّهَ في الموقِعينِ؛ لإلقاءِ الرَّوعةِ، وتَربيةِ المهابةِ [1360] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (4/86). .
وفي إيرادِ العِلْمِ المُتعلِّقِ بسِرِّهِم ونجواهُم بصِيغةِ الفِعْلِ أَلَمْ يَعْلَمُوا الدَّالِ على الحُدوثِ والتَّجدُّدِ، والعِلْمِ المُتعلِّقِ بالغُيوبِ الكثيرةِ الدَّائمةِ بصِيغةِ الاسْمِ عَلَّامُ الْغُيُوبِ الدَّالِ على الدَّوامِ والمُبالَغةِ: فخامةٌ وجَزالةٌ لا تَخْفى [1361] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (4/86). .
وتَقديمُ السِّرِّ على النَّجوى؛ لأنَّ العِلمَ به أعظَمُ في الشَّاهِدِ مِنَ العِلمِ بها، مع ما في تَقديمِه وتعليقِ العِلمِ به مِن تعجيلِ إدخالِ الرَّوعةِ [1362] يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (5/334). .