موسوعة التفسير

سُورةُ يُوسُفَ
الآيات (15-18)

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ

غريب الكلمات:

وَأَجْمَعُوا: أي: عَزَموا، وصمَّموا، يقالُ: أجْمَعتُ على كذا، بمعنَى: عزمتُ عليه، وأجْمَعْتُ كذا: أكثرُ ما يُقالُ فيما يكونُ جمعًا يُتوصَّلُ إليه بالفكرةِ، وأصلُ (جمع): يدلُّ على تضامِّ الشيءِ [153] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/479)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 540)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 155)، ((تفسير ابن عاشور)) (12/233). .
نَسْتَبِقُ: أي: يسابقُ بعضُنا بعضًا في الرَّمْي، وقيل: نشتدُّ ونَعْدو؛ ليتبيَّنَ أيُّنا أسرعُ عَدْوًا، والاسْتِباقُ: التَّسابُقُ، وأصلُ (السبق): التقدُّمُ في السيرِ [154] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 213)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 464)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 541)، ((المفردات)) للراغب (ص: 395)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 241). .
سَوَّلَتْ: أي: زيَّنَت وسَهَّلَت، والتَّسويلُ: تفعيلٌ مِن (السُّول)، وهو أمنيَّةُ الإنسانِ يتمنَّاها، فتُزَيِّنُ لطالِبِها الباطِلَ وغَيرَه مِن غرورِ الدُّنيا [155] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 213)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/118)، ((المفردات)) للراغب (ص: 249)، ((لسان العرب)) لابن منظور (11/350)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 519)، ((تاج العروس)) للزبيدي (29/239). .

المعنى الإجمالي:

يقولُ الله تعالى: فلمَّا ذهبَ إخوةُ يوسُفَ به، وأجمَعوا على إلقائِه في جَوفِ البِئرِ، فعَلوا به ما فعلوا من الأذى، ونفَّذوا ما يُريدونَ تنفيذَه بدونِ رَحمةٍ أو شفَقةٍ، وأوحَينا إلى يوسُفَ لتُخبِرَنَّ إخوتَك مُستقبَلًا بفِعلِهم هذا الذي فعَلوه بك، وهم لا يَعلَمونَ أنَّك أخوهم يوسُفُ، وجاء إخوةُ يوسُفَ إلى أبيهم في وقتِ العِشاءِ يَبكونَ، ويُظهِرونَ الأسفَ والجَزعَ، قالوا: يا أبانا إنَّا ذَهَبْنا نتسابَقُ، وترَكْنا يوسُفَ عند زادِنا وثيابِنا فأكَلَه الذِّئبُ، وما أنت بمُقِرٍّ ومُصَدِّقٍ لنا ولو كنَّا مَوصوفينَ بالصِّدقِ؛ لتُهمتِكَ لنا، وجاؤوا بقميصِه مُلطَّخًا بدَمٍ غيرِ دَمِ يوسُفَ؛ ليشهَدَ على صِدقِهم، فكان دليلًا على كَذِبِهم، فقال لهم أبوهم يعقوبُ عليه السَّلامُ: ما الأمرُ كما تقولونَ، بل زيَّنَت لكم أنفُسُكم الأمَّارةُ بالسُّوءِ أمرًا قبيحًا في يوسُفَ، فرأيتُموه حسَنًا وفعَلتُموه، فصبري صبرٌ جميلٌ لا شكوى معه لأحدٍ مِن الخَلقِ، وأستعينُ باللهِ على احتمالِ ما تَصِفونَ مِن الكَذِب، لا على حَولي وقوَّتي.

تفسير الآيات:

فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (15).
فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ.
أي: فلما ذهب إخوةُ يوسُفَ به من عندِ أبيه، وأجمعوا رأيَهم وعزَموا على أن يُلقوه في قَعرِ البئرِ، قاموا بفعلِ ذلك [156] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/29)، ((تفسير القرطبي)) (9/142)، ((تفسير ابن كثير)) (4/374)، ((تفسير السعدي)) (ص: 394). قال ابن عاشور: (جوابُ «لَمَّا» محذوفٌ دلَّ عليه أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ، والتقديرُ: جعلوه في الجُبِّ، ومِثلُه كثيرٌ في القرآن، وهو من الإيجازِ الخاصِّ بالقرآن، فهو تقليلٌ في اللَّفظِ لظهورِ المعنى). ((تفسير ابن عاشور)) (12/233). ويُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/248)، وقيل غير ذلك، يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (3/13)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/205). .
وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ.
أي: وأوحَينا إلى يوسُفَ لتُخبِرَنَّهم بفِعلِهم هذا الذي فعَلوه بك، وهم في حالٍ لا يعلمونَ فيها أنَّك أخوهم يوسُفُ [157] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/31، 32)، ((تفسير البيضاوي)) (3/157)، ((تفسير ابن كثير)) (4/374)، ((تفسير الشوكاني)) (3/13)، ((تفسير السعدي)) (ص: 394)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/204). قال الشَّوكاني: (وجُملَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحالِ أي: لا يَشعُرون بأنَّك أَخوهُم يُوسُف؛ لاعْتِقادِهم هَلاكَك بإلْقائِهم لك في غَيابَة الجُبِّ، ولِبُعْدِ عَهْدِهِم بك، ولِكَونِك قد صِرْتَ عند ذلك في حالٍ غير ما كُنتَ عليه، وخِلاف ما عَهِدُوه منك). ((تفسير الشوكاني)) (3/13). .
وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ (16).
أي: وجاء إخوةُ يوسُفَ- بعدما ألقَوه في غيابةِ الجُبِّ- أباهم يعقوبَ في ظُلمةِ اللَّيلِ يتباكَونَ على يوسُفَ [158] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/33)، ((تفسير ابن كثير)) (4/375)، ((تفسير الألوسي)) (6/391). .
قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17).
قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ.
أي: قالوا مُعتَذرينَ كَذِبًا لأبيهم: يا أبانا إنَّا ذَهَبْنا نتسابَقُ [159] قال السعدي: (إمَّا على الأقدامِ، أو بالرميِ والنضالِ). ((تفسير السعدي)) (ص: 395). قال الواحدي: (قال أكثرُ المفسِّرين: يسابقُ بعضُنا بعضًا في الرمي؛ ليَتبيَّنَ أيُّنا أسبقُ سهمًا). ((الوسيط)) (2/603). ، وترَكْنا يوسُفَ عند أمتِعَتِنا، فأكَلَه الذِّئبُ، ونحن غائبونَ عنه [160] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/34)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (3/96)، ((تفسير القرطبي)) (9/148)، ((تفسير السعدي)) (ص: 395)، ((تفسير ابن عاشور)) (12/236). .
وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ.
أي: وما أنت بمُقِرٍّ ومُصَدِّقٍ لقَولِنا هذا، ولو كنَّا عندَك مِن أهلِ الصدقِ؛ لسوءِ ظَنِّكَ بنا، وتُهمتِكَ لنا [161] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/34)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (7/121، 529)، ((تفسير ابن كثير)) (4/375)، ((تفسير السعدي)) (ص: 395). وَقِيلَ: معْنَى وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ: إنَّا وإن كنَّا صادِقينَ فإنَّك لا تصدِّقُنا؛ لأنَّه لم تظهَرْ عندَكَ أمارَةٌ تدلُّ على صِدْقِنا. يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (3/15)، ((تفسير الرازي)) (18/429). .
وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18).
وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ.
أي: وأتَوا بقَميصِ يوسُفَ مُتلَطِّخًا بدَمٍ مكذوبٍ، يزعُمونَ أنَّه دمُ يوسُفَ حين أكَلَه الذِّئبُ [162] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/35، 39)، ((تفسير القرطبي)) (9/148)، ((تفسير ابن كثير)) (4/375)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (12/220)، ((تفسير السعدي)) (ص: 395). قال القرطبي: (أجمعوا على أنَّ يعقوبَ عليه السَّلامُ استدَلَّ على كَذِبِهم بصِحَّةِ القَميصِ). ((تفسير القرطبي)) (9/150). وقال ابنُ كَثير: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ أي: مَكذُوب مُفْتَرَى. وهذا مِن الأَفعال التي يُؤَكِّدُون بها ما تَمالَئوا عليه مِن المَكيدَة، وهو أنَّهم عَمَدوا إلى سَخْلَةٍ- فيما ذَكَرَه مُجاهِد، والسُّدِّيُّ، وغَيرُ واحِدٍ- فذَبَحوها، ولَطَّخُوا ثَوْبَ يُوسُف بِدَمِها، مُوهِمِين أنَّ هذا قَميصُه الذي أَكَلَه فيه الذِّئْبُ، وقد أصابَه مِن دَمِهِ، ولكنَّهم نَسوا أن يَخْرِقوه، فلهذا لم يَرُجْ هذا الصَّنِيع على نَبِيِّ الله يَعقوب). ((تفسير ابن كثير)) (4/375). .
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا.
أي: قال يعقوبُ مُكَذِّبًا لأولادِه فيما زعَموا مِن أكلِ الذِّئبِ ليوسُفَ: ليس الأمرُ كما ادَّعيتُم، بل زيَّنَت لكم أنفُسُكم أمرًا في شأنِ يوسُفَ غيرَ ما تَصِفونَ [163] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/39)، ((تفسير القرطبي)) (9/151)، ((تفسير السعدي)) (ص: 395). .
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ.
أي: فصَبري على ما فعَلْتُم بيوسُفَ صبرٌ جَميلٌ، لا جزعَ فيه، ولا شكوَى إلى الخَلقِ [164] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/40)، ((معاني القرآن)) للزجاج (3/96)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (10/666)، ((مجموع رسائل ابن رجب)) (3/153)، ((تفسير السعدي)) (ص: 395). .
وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ.
أي: وباللهِ أستعينُ على ما تذكُرونَ مِن الكَذِبِ [165] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (2/324)، ((الوسيط)) للواحدي (2/604)، ((تفسير ابن كثير)) (4/375)، ((تفسير الشوكاني)) (3/15). قال ابن عاشور: (وقوله: وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ عَطفٌ على جملةِ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فتكونُ محتَمِلةً للمعنيَينِ المذكورَينِ، مِن إنشاءِ الاستعانةِ، أو الإخبارِ بحُصولِ استعانته بالله على تحَمُّلِ الصَّبرِ على ذلك، أو أراد الاستعانةَ بالله ليوسُفَ عليه السَّلامُ على الخَلاصِ مِمَّا أحاط به). ((تفسير ابن عاشور)) (12/240). وقال السمين الحلبي: (وقد كثُر ذِكرُ «الوصفِ» بمعنَى الكذبِ). ((عمدة الحفاظ)) (4/317). .

الفوائد التربوية :

1- قال الله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ الحذَرُ مِن شُؤمِ الذُّنوبِ، وأنَّ الذَّنبَ الواحِدَ يستَتبِعُ ذنوبًا متعدِّدةً، ولا يتِمُّ لفاعِلِه إلَّا بعدَّةِ جرائِمَ؛ فإخوةُ يوسُفَ عليه السَّلامُ لَمَّا أرادوا التَّفريقَ بينه وبين أبيه، احتالوا لذلك بأنواعٍ مِن الحِيَلِ، وكذَبوا عدَّةَ مرَّاتٍ، وزوَّروا على أبيهم في القَميصِ والدَّمِ الذي فيه، وفي إتيانِهم عِشاءً يَبكونَ، ولا تَسْتَبْعِد أنَّه قد كثر البَحْث فيها في تلك المدة؛ بل لَعَلَّ ذلك اتَّصَل إلى أن اجْتَمَعوا بيُوسُف، وكُلَّما صار البَحْثُ، حَصَلَ مِن الإخبارِ بالكَذِب والافْتِراء ما حَصَل، وهذا شُؤْمُ الذَّنْبِ، وآثارُه التَّابِعَة والسَّابِقَة واللَّاحِقَة [166] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 407). .
2- قولُه تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فيه أنَّ النَّظرَ إلى الغاياتِ المحبوبةِ يُهَوِّنُ المشاقَّ المُعترِضةَ في وسائِلِها، فمتى علِمَ العبدُ عاقبةَ الأمرِ، وما يَؤُولُ إليه مِن خيرِ الدُّنيا والآخرةِ، هانت عليه المشقَّةُ، وتسلَّى بالغايةِ؛ فالله تعالى أوحَى إلى يوسُفَ في هذه الحالِ المُزعِجةِ أنَّ الأمرَ سيكونُ إلى خيرٍ وسَعةٍ، وبعد هذه الإهانةِ الصادرةِ مِن إخوتِك لك، ستكونُ لك الأثَرةُ عليهم، والعاقبةُ الحميدةُ، وفي هذا من اللُّطفِ والتَّسليةِ وتخفيفِ البلاءِ ما هو مِن أعظمِ نِعَمِ  اللهِ على العبدِ؛ ولهذا المعنى الجليلِ يُذَكِّرُ اللهُ عبادَه عند المشاقِّ والأمورِ المُزعِجة ما يترتَّبُ على ذلك من الثَّوابِ والخيرِ والطَّمعِ في فَضلِه؛ قال تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ [167] يُنظر: ((فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام)) للسعدي (ص: 52). النساء: 104.
3- قولُ الله تعالى: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ المعنى أنَّ إقدامَ يعقوبَ عليه السَّلامُ على الصَّبرِ لا يُمكِنُ إلَّا بمعونةِ الله تعالى؛ لأنَّ الدَّواعيَ النَّفسانيَّةَ تدعوه إلى إظهارِ الجزَعِ، وهي قويَّةٌ، والدَّواعيَ الرُّوحانيَّةَ تدعوه إلى الصَّبرِ والرِّضا، فكأنَّه وقعت المحاربةُ بين الصِّنفينِ، فما لم تحصُلْ إعانةُ الله تعالى لم تحصُل الغلَبةُ، فقَولُه: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ يجري مجرى قَولِه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ الفاتحة: 5، وقولُه: وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ يجري مجرى قولِه: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [168] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (18/432). الفاتحة: 5.
4- العبدُ مُحتاجٌ إلى الاستعانةِ بالله في فِعلِ المأموراتِ، وفي تَركِ المحظوراتِ، وفي الصَّبرِ على المقدوراتِ، كما في قولِ يعقوبَ عليه السَّلامُ لبَنيه: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [169] يُنظر: ((مجموع رسائل ابن رجب)) (3/134). ، ففيه ما يَنْبغي استعمالُه عندَ المصائبِ، وهو الصبرُ الجميلُ، والاستعانةُ باللهِ، وأنَّ التكلُّمَ بذلك حسنٌ [170] يُنظر: ((مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- تفسير آيات من القرآن الكريم)) (5/133). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- في قَولِه تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ دَلالةٌ على أنَّه ليس كلُّ مَن أُوحِيَ إليه الوحيَ العامَّ يكونُ نبيًّا؛ فإنَّه قد أُوحِيَ إلى يوسُفَ وهو صغيرٌ، كما أنَّه قد يُوحَى إلى غيرِ النَّاسِ؛ قال تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ [171] يُنظر: ((النبوات)) لابن تيمية (2/690). النحل: 68.
2- قَولُ الله تعالى: وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ إنَّما جاؤوا عِشاءً؛ ليكونَ أقدرَ على الاعتذارِ في الظُّلمةِ؛ ولذا قيل: لا تَطلُبِ الحاجةَ باللَّيلِ؛ فإنَّ الحياءَ في العينَينِ، ولا تعتَذِرْ في النَّهارِ مِن ذنبٍ؛ فتَتلجلَجَ في الاعتذارِ [172] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/249). ، وأيضًا جاؤوا عِشاءً؛ ليكون إتْيانُهم مُتَأَخِّرًا عن عادَتِهم، وأتَوْا باكِين؛ ليكون بُكاؤُهم دَلِيلًا لهم، وقَرينَةً على صِدْقِهم [173] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 395). .
3- قولُ الله تعالى: وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ هذه الآيةُ دليلٌ على أنَّ بُكاءَ المرءِ لا يدلُّ على صِدقِ مَقالِه؛ لاحتمالِ أن يكونَ تصنُّعًا، فمِن الخَلقِ مَن يقدِرُ على ذلك، ومنهم من لا يقدِرُ [174] يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (3/38). ، فمِن فوائدِ الآيةِ عدمُ الاغترارِ ببكاءِ الخصمِ، وعدمُ الاغترارِ بزخرفِ القولِ [175] يُنظر: ((مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- تفسير آيات من القرآن الكريم)) (5/133). .
4- قولُ الله تعالى: قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ فيه مشروعيَّةُ المُسابَقةِ [176] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص:153). .
5- قولُ الله تعالى: قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ فيه من الطِّبِّ: رياضةُ النَّفسِ والدوابِّ، وتمرينُ الأعضاءِ على التصَرُّفِ [177] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص:153، 154). .
6- قولُهم: وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ تلطُّفٌ عَظيمٌ في تقريرِ ما يُحاوِلونَه؛ يقولون: ونحن نعلمُ أنَّك لا تصَدِّقُنا- والحالةُ هذه- لو كنَّا عندك صادقينَ، فكيف وأنت تتَّهِمُنا في ذلك؛ لأنَّك خَشيتَ أن يأكُلَه الذِّئبُ فأكَلَه الذِّئبُ، فأنت معذورٌ في تكذيبِك لنا؛ لِغَرابةِ ما وقع، وعجيبِ ما اتَّفقَ لنا في أمْرِنا هذا [178] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/375). .
7- قولُ الله تعالى: وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فيه إعمالُ الأماراتِ والحُكمُ بها، والآيةُ أصلٌ في الحُكمِ بالقرائِنِ، لكنْ محَلُّ العمَلِ بالقَرينةِ ما لم تُعارِضْها قرينةٌ أقوى منها، فإن عارَضَتْها قرينةٌ أقوى منها أبطَلَتْها؛ فأولادُ يعقوبَ لَمَّا جعلوا يوسُفَ في غيابةِ الجُبِّ، جعلوا على قَميصِه دَمًا؛ ليكونَ وجودُ الدَّمِّ على قميصِه قَرينةً على صِدقِهم في دعواهم أنَّه أكَلَه الذِّئبُ، ولا شَكَّ أنَّ الدَّمَ قرينةٌ على افتِراسِ الذِّئبِ له، ولكِنَّ يعقوبَ أبطَلَ قَرينتَهم هذه بقرينةٍ أقوى منها، وهي عدَمُ شَقِّ القَميصِ؛ ولذا صَرَّحَ بتكذيبِه لهم في قَولِه: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ فيجِبُ على النَّاظِرِ أن يلحَظَ القرائِنَ والأماراتِ والعَلاماتِ إذا تعارَضَت، فما ترجَّحَ منها قضَى بجانِبِ التَّرجيحِ [179] يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (3/40)، ((تفسير القرطبي)) (9/150)، ((الإكليل)) للسيوطي (ص:154)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/215). .
8- قولُ الله تعالى: وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فيه أنَّ سُوءَ الظَّنِّ مع وجودِ القَرائنِ الدَّالَّةِ عليه غيرُ ممنوعٍ ولا محَرَّمٍ [180] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص:407). .
9- قال الله تعالى: وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ إنَّما لم يصَدِّقْ يعقوبُ بنيه حين قالوا: أكَلَه الذِّئبُ، وعَمِلوا تلك القرائِنَ المُبَرِّرة لقولِهم؛ لأنَّ المعلومَ لا يُعارِضُه الشَّكُّ والوَهمُ، فإنَّه قد علم برؤيا يوسُفَ- وربَّما بغيرِها- ما يَؤولُ إليه حالُ يوسُفَ؛ مِن تمامِ النِّعمةِ التي تشمَلُه وتشمَلُ آلَ يعقوبَ [181] يُنظر: ((فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام)) للسعدي (ص: 59). .
10- في قولِه تعالى: وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ أنَّه لا ينبغي أن يُغتَرَّ بمُجرَّدِ صُورةِ القرائنِ، فكم حصلَ بمثل هذه التَّمويهاتِ مِن الاغترارِ وقلبِ الحقائقِ؛ لهذا كان الأذكياءُ يجعلونَ كلَّ احتمالٍ على بالهم، وينظُرونَ إلى الأمورِ مِن جميعِ جِهاتِها ونواحيها [182] يُنظر: ((فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام)) للسعدي (ص: 59). .
11- قال الله تعالى حكايةً عن يعقوبَ: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ، إنما فوَّض يعقوبُ- عليه السلام- الأمرَ إلى الله، ولم يسْعَ للكشفِ عن مصيرِ يوسفَ عليه السلامُ؛ لأنَّه علِم تعذرَ ذلك عليه؛ لكبرِ سنِّه، ولأنَّه لا عضدَ له يستعينُ به على أبنائِه أولئك، وقد صاروا هم الساعين في البعدِ بينَه وبينَ يوسفَ عليه السلامُ، فأيِس مِن استطاعةِ الكشفِ عن يوسفَ- عليه السلامُ- بدونِهم، ألا ترَى أنَّه لما وجَد منهم فرصةً قال لهم: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ [183] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/240). يوسف: 87.
12- في قولِه تعالى عن يعقوبَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ مع قَولِه سُبحانه عنه: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ يوسُف: 86 أنَّ الشَّكوى إلى اللهِ لا تُنافي الصَّبرَ الجميلَ [184] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (10/666). .
13- ذكَرَ اللهُ في القرآن: الصَّبرَ الجَميلَ، والصَّفحَ الجَميلَ، والهَجرَ الجَميلَ؛ فالصَّبرُ الجَميلُ: الذي لا شكوَى معه إلى المخلوقِ، والهَجرُ الجَميلُ: الذي لا أذى معه، والصَّفحُ الجَميلُ: الذي لا عِتابَ معه [185] يُنظر: ((العبودية)) لابن تيمية (ص: 85)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (10/666). .

بلاغة الآيات:

1- قوله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
- تفريعُ حكايةِ الذَّهابِ به، والعَزْمِ على إلْقائِه في الجُبِّ، على حِكايةِ المحاوَرةِ بينَ يعقوبَ عليه السَّلامُ وبَنيه في مُحاوَلةِ الخروجِ بيوسُفَ عليه السَّلامُ إلى الباديةِ، يُؤذِنُ بجُمَلٍ محذوفةٍ، فيها ذِكرُ أنَّهم ألَحُّوا على يعقوبَ عليه السَّلامُ حتَّى أقنَعوه، فأَذِن ليوسُفَ عليه السَّلامُ بالخروجِ معَهم، وهو إيجازٌ [186] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/233)، ويُنظر أيضًا: ((تفسير ابن جرير)) (13/29). .
- وجملةُ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا بيانٌ لجملةِ أَوْحَيْنَا، وأُكِّدَت باللَّامِ ونونِ التَّوكيدِ؛ لتحقيقِ مَضمونِها، سواءٌ كان المرادُ منها الإخبارَ عن المستقبَلِ، أو الأمرَ في الحالِ [187] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/234). .
2- قولُه تعالى: قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
- قولُهم: وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا خبَرٌ مستعمَلٌ في لازِمِ الفائدةِ، أي: إنَّ المتكلِّمَ عَلِم بمَضمونِ الخبَرِ، وهو تعريضٌ بأنَّهم صادِقون فيما ادَّعَوْه؛ لأنَّهم يَعلَمون أباهم لا يُصدِّقُهم فيه، فلم يَكونوا طامِعين بتَصْديقِه إيَّاهم [188] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/237). .
3- قولُه تعالى: وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ
- قولُه: بِدَمٍ كَذِبٍ وُصِفَ الدَّمُ بالكذبِ مُبالَغةً، كأنَّه نفْسُ الكَذِبِ وعَينُه، كما يُقالُ للكذَّابِ: هو الكَذِبُ بعَينِه، والزُّورُ بذاتِه [189] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (2/451)، ((تفسير أبي حيان)) (6/250)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (4/464). ، أو معناه (ذِي كَذِبٍ) [190] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/250، 251). .
- قولُه: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا التَّعبيرُ بحرفِ الإضرابِ بَلْ يُفيدُ إبطالَ دَعْواهم أنَّ الذِّئبَ أكَلَه؛ فقد صَرَّح لهم بكَذِبِهم [191] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/238). .
- وتنكيرُ أَمْرًا للتَّهويلِ [192] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/239). .
- وقولُه: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ نائبٌ مَنابَ: اصْبِرْ صبرًا جَميلًا، وعُدِلَ به عن النَّصبِ إلى الرَّفعِ؛ للدَّلالةِ على الثَّباتِ والدَّوامِ [193] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/239). .
- قولُه: وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ فيه التَّعبيرُ عمَّا أصاب يوسُفَ عليه السَّلامُ بـ مَا تَصِفُونَ وهو في غايةِ البلاغةِ؛ لأنَّه كان واثِقًا بأنَّهم كاذِبون في الصِّفةِ، وواثِقًا بأنَّهم ألحَقوا بيوسُفَ عليه السَّلامُ ضُرًّا، فلمَّا لم يتَعيَّنْ عِندَه المُصابُ أجْمَل التَّعبيرَ عنه إجمالًا مُوجَّهًا؛ لأنَّهم يَحسَبون أنَّ ما يَصِفونه هو موتُه بأكْلِ الذِّئبِ إيَّاه، ويعقوبُ عليه السَّلامُ يُريدُ أنَّ ما يَصِفونه هو المصابُ الواقِعُ، الَّذي وصَفوه وصْفًا كاذِبًا [194] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/240). .