موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: يَثبُتُ تَبَعًا ما لا يَثبُتُ استِقلالًا


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "يَثبُتُ تَبَعًا ما لا يَثبُتُ استِقلالًا" [1534] يُنظر: ((تصحيح الفروع)) للمرداوي (1/131)، ((القواعد)) لابن رجب (2/504). ، وُيعبَّرُ عنها بـصيغةِ "الأصلُ أنَّه قد يَثبُتُ الشَّيءُ تَبَعًا وحُكمًا وإن كان قد يَبطُلُ قَصدًا" [1535] يُنظر: ((أصول الكرخي)) مطبوع مع ((تأسيس النظر)) للدبوسي (ص: 166). ، و"يُغتَفرُ في الثَّواني ما لا يُغتَفرُ في الأوائِلِ" [1536] يُنظر: ((الكوكب الدري)) للإسنوي (ص: 393)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120). ، و"يُغتَفرُ في التَّوابِعِ ما لا يُغتَفرُ في غَيرِها" [1537] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120). ، و"يُغتَفرُ في الشَّيءِ ضِمنًا ما لا يُغتَفرُ فيه قَصدًا" [1538] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120). ، و"يُغتَفرُ في الشَّيءِ تَبَعًا ما لا يُغتَفرُ فيه مَقصودًا" [1539] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/110). ، و"أوائِلُ العُقودِ تُؤَكَّدُ بما لا يُؤَكَّدُ به أواخِرُها" [1540] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الشُّروطُ التي يَشتَرِطُها الشَّارِعُ والتي يَلزَمُ تَوافُرُها لصِحَّةِ العَقدِ إنَّما تَكونُ مَشروطةً عِندَ تَوجُّهِ القَصدِ إلى العَقدِ بعَينِه على جِهةِ الاستِقلالِ، أمَّا لو كان القَصدُ إلى عَقدٍ وكان الآخَرُ تابِعًا له ضِمنًا، فإنَّه يُغتَفرُ فيه لكَونِه تابِعًا ما لا يُغتَفرُ لو كان هو المَقصودَ بعَينِه استِقلالًا؛ فيُغتَفرُ في التَّوابِعِ الجَهالةُ والغَرَرُ وعَدَمُ الرُّؤيةِ والوصفِ ونَحوها، كُلُّ ذلك مُغتَفَرٌ فيها؛ لأنَّها تابِعةٌ لغَيرِها، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ مُكملةً لقاعِدةِ: يُغتَفرُ في الابتِداءِ ما لا يُغتَفرُ في الدَّوامِ [1541] يُنظر: ((تصحيح الفروع)) للمرداوي (1/131)، ((القواعد)) لابن رجب (2/504)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120)، ((تلقيح الأفهام العلية)) للسعيدان (ص: 318)، ((شرح القواعد الفقهية)) لأحمد الزرقا (ص: 291). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ (التَّابِعُ تابِعٌ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لا يَثبُتُ النَّسَبُ بشَهادةِ النِّساءِ استِقلالًا، لكِن لو شَهِدنَ بالوِلادةِ على الفِراشِ يَثبُتُ بها النَّسَبُ والميراثُ تَبَعًا [1542] يُنظر: ((المدونة)) لسحنون (2/580) و (4/25)، ((الأم)) للشافعي (7/8)، ((اختلاف العلماء)) للجصاص (3/346)، ((المغني)) لابن قدامة (4/420)، ((الذخيرة)) للقرافي (12/297)، ((القواعد)) لابن رجب (2/504)، ((النجم الوهاج)) للدميري (3/277)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120). .
2- لا يَثبُتُ شَوَّالٌ إلَّا بشَهادةِ اثنَينِ، فإذا صُمنا برُؤيةِ عَدلٍ واحِدٍ الهلالَ، ولَم نَرَه بَعدَ ثَلاثينَ يَومًا، أفطَرنا في الأصَحِّ عِندَ الشَّافِعيَّةِ وأحَدِ قَولَيِ الحَنابِلةِ؛ لقَولِه تعالى: وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ، ورَمَضانُ قد كَمَلَت عِدَّتُه، ويَكونُ هلالُ شَوَّالٍ ثَبَتَ ضِمنًا بما لا يَثبُتُ به أصلًا؛ لأنَّ الفِطرَ يُؤَدِّي إلى إثباتِ شَوَّالٍ بقَولِ واحِدٍ، وهو مَن ثَبت هلالُ رَمَضانَ برُؤيَتِه، لكِنَّ هلالَ شَوَّالٍ لم يَثبُتِ استِقلالًا برُؤيَتِه، إنَّما ثَبَتَ ضِمنًا، والشَّيءُ يَثبُتُ ضِمنًا بما لا يَثبُتُ به قَصدًا [1543] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/412)، ((الجامع لمسائل المدونة)) لابن يونس (3/1094)، ((المبسوط)) للسرخسي (3/140،139)، ((المغني)) لابن قدامة (4/420)، ((القواعد)) لابن رجب (2/504)، ((النجم الوهاج)) للدميري (3/277)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120). .
3- إذا باعَ أشجارًا مَعَ الأرضِ فإنَّ الشُّفعةَ تَثبُتُ فيهما؛ لأنَّ الشُّفعةَ وإن كانت لا تَثبُتُ في الأشجارِ والأبنيةِ بطَريقِ الأصالةِ، لكِنَّها تَثبُتُ تَبَعًا للأرضِ إذا بيعَت مَعَها [1544] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (7/269)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (7/258)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (5/1744)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/109). .

انظر أيضا: