موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: إذا سَقَطَ الأصلُ سَقَطَ الفرعُ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "إذا سَقَطَ الأصلُ سَقَطَ الفرعُ" [1302] يُنظر: ((شرح التلقين)) للمازري (1/271)، ((مجلة الأحكام العدلية)) (ص: 21)، ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 57)، ((شرح القواعد الفقهية)) لأحمد الزرقا (ص: 263)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/450). . وصيغةِ: "إذا سَقَطَ الأصلُ فالفَرعُ أَولى بالسُّقوطِ" [1303] يُنظر: ((ديوان الأحكام الكبرى)) لابن سهل (ص: 232)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/114)، ((البهجة)) للتسولي (1/306). . وصيغةِ: "إذا سَقَطَ الأصلُ مَعَ إمكانِه فالتَّابِعُ أَولى" [1304] يُنظر: ((المجموع)) للنووي (1/392)، ((البناية)) للعيني (1/234)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 118). . وصيغةِ: "إذا سَقَطَ الأصلُ سَقَطَ التَّبَعُ" [1305] يُنظر: ((المغني)) (2/196)، ((الكافي)) (3/246) كلاهما لابن قدامة، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/505)، ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (2/147)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/343). . وصيغةِ: "إذا سَقَطَ حُكمُ المَتبوعِ سَقَطَ حُكمُ التَّابِعِ" [1306] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/120)، ((التبصرة)) للشيرازي (ص: 275)، ((الواضح)) لابن عقيل (4/282). . وصيغةِ: "إذا رُفِعَ المَتبوعُ ارتَفعَ التَّابِعُ" [1307] يُنظر: ((الفوائد السنية)) للبرماوي (4/1827)، ((التحبير)) للمرداوي (6/3083). . وصيغةِ: "إذا فاتَ المَتبوعُ فاتَ التَّابِعُ" [1308] يُنظر: ((الجمع والفرق)) لأبي محمد الجويني (2/200)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/464). . وصيغةِ: "عَدَمُ ثُبوتِ الأصلِ يَمنَعُ الفَرعَ" [1309] يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (9/309). .
وكذلك ورَدَتِ القاعِدةُ بصيَغٍ أُخرى تَنفي العَكسَ، وهيَ:
صيغةُ: "رَفعُ التَّابِعِ لا يَستَلزِمُ رَفعَ المَتبوعِ بخِلافِ العَكسِ" [1310] يُنظر: ((حاشية العطار)) (2/117). . و"لا يَلزَمُ مِن رَفعِ التَّابِعِ رَفعُ المَتبوعِ" [1311] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (3/166)، ((البحر المحيط)) للزركشي (5/304). . و"رَفعُ حُكمِ التَّابِعِ لا يَستَلزِمُ رَفعَ المَتبوعِ" [1312] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/2382). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الفرعَ تابِعٌ للأصلِ، وثَبَتَ الحُكمُ فيه لأجلِه، فإذا سَقَطَ حُكمُ المَتبوعِ سَقَطَ حُكمُ التَّابِعِ، فيَسقُطُ التَّابِعُ بسُقوطِ المَتبوعِ، أو يَسقُطُ الفرعُ بسُقوطِ الأصلِ، ويَستَحيلُ أن يَسقُطَ الأصلُ ويَكونَ الفَرعُ باقيًا. أمَّا إذا سَقَطَ الفرعُ أو سَقَطَ التَّابِعُ فلا يَلزَمُ عليه سُقوطُ المَتبوعِ، فإذا رُفِعَ حُكمُ التَّابِعِ فلا يَستَلزِمُ رَفعَ المَتبوعِ [1313] يُنظر: ((التبصرة)) للشيرازي (ص: 275)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/2382)، ((البحر المحيط)) للزركشي (5/300)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/53). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (في اعتِبارِ الأصلِ اعتِبارُ التَّبَعِ)؛ لأنَّ اعتِبارَ التَّابِعِ يَكونُ باعتِبارِ أصلِه المَتبوعِ؛ لأنَّ قِوامَه به، فإذا سَقَطَ الأصلُ سَقَطَ الفرعُ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (في اعتِبارِ الأصلِ اعتِبارُ التَّبَعِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا سَقَطَ الوُضوءُ والغُسلُ، سَقَطَ التَّيَمُّمُ؛ لأنَّه كالبَدَلِ مِن ذلك والفرعِ عنه، فإذا سَقَطَ الأصلُ سَقَطَ الفرعُ [1314] يُنظر: ((شرح التلقين)) للمازري (1/271). .
2- مَن تَكَفَّلَ بصَداقِ امرَأةٍ، فارتَدَّت قَبلَ الدُّخولِ، سَقَطَ صَداقُها بارتِدادِها، والكَفالةُ به ساقِطةٌ أيضًا؛ لأنَّه لمَّا سَقَطَ الأصلُ سَقَطَت فُروعُه وما يَتبَعُه [1315] يُنظر: ((شرح التلقين)) للمازري (3/2/143). .
3- إذا أبرَأ الدَّائِنُ المَدينَ مِنَ الدَّينِ، فكَما أنَّه يَبرَأُ المَدينُ يَبرَأُ مِنه الكَفيلُ أيضًا؛ لأنَّ المَدينَ في الدَّينِ أصلٌ، والكَفيلَ فرعٌ، فبِسُقوطِه عنِ الأصلِ يَسقُطُ عنِ الفرعِ طَبعًا، أمَّا لو كان الكَفيلُ هو المُبَرَّأَ مِن قِبَلِ الدَّائِنِ، فلا يَسقُطُ الدَّينُ عنِ المَدينِ بسُقوطِه عنِ الكَفيلِ؛ لأنَّ سُقوطَ الدَّينِ عنِ الفَرعِ لا يوجِبُ سُقوطَه عنِ الأصلِ، على أنَّه قد يَجوزُ أن يَثبُتَ الفرعُ دونَ أن يَثبُتَ الأصلُ. فلَوِ ادَّعى شَخصٌ على اثنَينِ بأنَّ أحَدَهما استَدانَ مِنه ألفَ ريالٍ مَثَلًا، والثَّاني كَفَلَه في ذلك المَبلَغِ، فأنكَرَ المَدينُ الدَّينَ، والمُدَّعي عاجِزٌ عن إثباتِ مُدَّعاه، إلَّا أنَّ الكَفيلَ أقَرَّ بالكَفالةِ، فيُحكَمُ على الكَفيلِ الذي هو الفَرعُ بمُقتَضى اعتِرافِه بالدَّينِ دونَ الأصلِ الذي هو المَدينُ [1316] يُنظر: ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/53). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الصُّورِ يَثبُتُ فيها الفرعُ وإن لم يَثبُتِ الأصلُ، وقد ذَكَرَ الزَّركَشيُّ الضَّابِطَ في هذا الاستِثناءِ، فقال: (الضَّابِطُ: أنَّا نَنظُرُ في الفرعِ، فإن كان يَستَقِلُّ بإنشائِه بطَريقِ الأصالةِ ثَبَتَ قَطعًا وإن لم يَثبُتِ الأصلُ، وإنِ استَقَلَّ لا بطَريقِ الأصالةِ بَل بالفرعيَّةِ على غَيرِه، كالضَّامِنِ، أو لم يَستَقِلَّ بإنشائِه، كالبَيعِ في صورةِ الشُّفعةِ ودَعوى الزَّوجيَّةِ، جاءَ الخِلافُ، والأصَحُّ الثُّبوتُ) [1317] ((المنثور)) (3/23). .
ومِن هذه الصُّورِ المُستَثناةِ مِنَ القاعِدةِ:
1- إذا قال شَخصٌ: لزَيدٍ على عَمرٍو ألفٌ، وأنا ضامِنٌ به، فأنكَرَ زَيدٌ، ففي مُطالَبةِ الضَّامِنِ بالضَّمانِ وجهانِ، أصَحُّهما: نَعَم [1318] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/22). .
2- إذا ادَّعى الزَّوجُ الخُلعَ مَعَ المَرأةِ، وأنكَرَت، ثَبَتَتِ البَينونةُ وإن لم يَثبُتِ المالُ الذي هو الأصلُ [1319] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/22). .

انظر أيضا: