المَطلَبُ الأوَّلُ: لا تَبَعَ للتَّبَعِ
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "لا تَبَعَ للتَّبَعِ"
[1244] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (7/238)، ((الهداية)) للمرغيناني (4/466)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/134)، ((العناية)) للبابرتي (10/290)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/383)، ((نتائج الأفكار)) لقاضي زاده (10/290)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (2/645). . وصيغةِ: "التَّبَعُ لا يَكونُ له تَبَعٌ"
[1245] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/292). . وصيغةِ: "ليسَ للتَّابِعِ تابِعٌ"
[1246] يُنظر: ((الفواكه العديدة)) للمنقور (1/194). . وصيغةِ: "التَّبَعُ لا يَستَتبِعُ غَيرَه ما دامَ الأصلُ باقيًا"
[1247] يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (6/479). . وصيغةِ: "ما كان تابِعًا لغَيرِه في حُكمٍ لا يَستَتبِعُ غَيرَه في ذلك الحُكمِ"
[1248] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/258). . وصيغةِ: "التَّابِعُ لا يَكونُ مَتبوعًا"
[1249] يُنظر: ((المنخول)) للغزالي (ص: 318)، ((شرح المعالم)) لابن التلمساني (2/466). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ ما كان تابِعًا لغَيرِه لا يَصيرُ مَتبوعًا؛ فما كان تابِعًا لغَيرِه في حُكمٍ لا يَستَتبِعُ غَيرَه في ذلك الحُكمِ ما دامَ الأصلُ باقيًا؛ لأنَّ التَّبَعيَّةَ دَليلُ العَجزِ، والأصالةُ دَليلُ القُدرةِ، وبَينَ القُدرةِ والعَجزِ تَضادٌّ وتَنافٍ، فلا يَجتَمِعانِ في شَخصٍ واحِدٍ. وإذا كان الشَّيءُ تابِعًا مَن وجهٍ دونَ وجهٍ، فيَجوزُ أن يَكونَ أصلًا مِن وَجهٍ تابِعًا من وَجهٍ؛ فإنَّ الشَّيءَ يَستَتبِعُ دونَه لا مِثلَه أو فوقَه
[1250] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/258)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (6/479)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/292) و(4/97). .
وهذه القاعِدةُ مُرتَبِطةٌ بقاعِدةِ (التَّابِعُ تابِعٌ)؛ لأنَّ ما كان تابِعًا لغَيرِه في حُكمٍ لا يَكونُ مَتبوعًا؛ لأنَّ التَّابِعَ تابِعٌ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بقاعِدةِ (التَّابِعُ تابِعٌ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- صَلاةُ العيدِ ليسَ لها سُنَّةٌ قَبلَها ولا بَعدَها؛ لأنَّها نافِلةٌ، والنَّافِلةُ لا أتباعَ لها
[1251] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/238). .
2- التَّكبيرُ في أيَّامِ العيدِ خَلفَ الفرائِضِ مِنَ السُّنَّة، وأمَّا التَّكبيرُ خَلفَ النَّوافِلِ ففيه خِلافٌ، فقيل: لا يُسَنُّ؛ لأنَّ النَّفلَ تابِعٌ للفرائِضِ، والتَّابِعُ لا يَكونُ له تابِعٌ
[1252] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (1/228)، ((البيان)) للعمراني (2/657).، ((المنثور)) للزركشي (1/237). .
3- إذا قَطَعَ أصابِعَ غَيرِه وجَبَتِ الدِّيةُ، فإنْ قَطعَ اليَدَ مِنَ الكوعِ لم يَلزَمْه أكثَرُ مِنَ الدِّيةِ، ويُجعَلُ الكَفُّ تَبَعًا للأصابِعِ، وإن قَطعَ زيادةً على ذلك لم يُجعَلْ تَبَعًا، بَل يَلزَمُه للزِّيادةِ حُكومةٌ على قَدرِها؛ لأنَّ التَّابِعَ لا يَكونُ له تابِعٌ
[1253] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/237). وينظر أيضًا: ((المبسوط)) للسرخسي (26/82). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.استِثناء:مِمَّا استُثنيَ مِنَ القاعِدةِ وخَرَجَ عنها: تَوكيلُ الوكيلِ غَيرَه دونَ الرُّجوعِ إلى موكِّلِه؛ فقد ذَكَرَ الحَنَفيَّةُ أنَّ للوكيلِ أن يوكِّلَ في حُقوقِ العَقدِ فيما تَرجِعُ الحُقوقُ فيه إليه؛ لأنَّه أصيلٌ فيها، فلَه أن يوكِّلَ فيها بلا إذنِ موكِّلِه.
وفرَّقَ المالِكيَّةُ بَينَ الوكيلِ المُفوَّضِ وغَيرِ المُفوَّضِ، وذَكَروا أنَّ الوكيلَ المُفوَّضَ له أن يوكِّلَ على الأظهَرِ، وأمَّا غَيرُ المُفوَّضِ فليس له أن يوكِّلَ فيما وكِّلَ فيه بلا إذنٍ، إلَّا في حالَتَينِ: إحداهما: ألَّا يَليقَ الفِعلُ به. والثَّانيةُ: أن يَكثُرَ بحَيثُ يَتَعَذَّرُ عليه القيامُ به وَحدَه.
وذَكَرَ الشَّافِعيَّةُ: أنَّ الوكيلَ لو وكَّلَ فيما وُكِّلَ فيه، وسَكَتَ عنه موكِّلُه، نُظِر: إن كان أمرًا يَتَأتَّى له الإتيانُ به، لم يَجُزْ أن يوكِّلَ فيه، وإن لم يَتَأتَّ مِنه -لكَونِه لا يُحسِنُه، أو لا يَليقُ بمَنصِبِه- فلَه التَّوكيلُ على الصَّحيحِ؛ لأنَّ المَقصودَ مِن مِثلِه الاستِنابةُ.
والمَذهَبُ عِندَ الحَنابِلةِ: أنَّ الوكيلَ لا يَجوزُ له أن يوكِّلَ فيما يَتَولَّى مِثلَه بنَفسِه، ونُقِلَ عن أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ الجَوازُ
[1254] يُنظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (10/99). .