موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ الأوَّلُ: المانِعُ مِنَ الشَّيءِ إنَّما يُعتَبَرُ مانِعًا إذا وُجِدَ المُقتَضي


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "المانِعُ عنِ الشَّيءِ إنَّما يُعتَبَرُ مانِعًا إذا وُجِدَ المُقتَضي" [766] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (4/284)، ((البناية)) للعيني (5/569). ، ويُعَبَّرُ عنها أيضًا بـ "المانِعُ إنَّما يَتَحَقَّقُ بَعدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ والشَّرطِ" [767] يُنظر: ((تهذيب الفروق)) لمحمد علي حسين (2/175). ، و"المانِعُ إنَّما يَكونُ مانِعًا مَعَ المُقتَضي" [768] يُنظر: ((أصول الفقهـ)) لابن مفلح (3/1224). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ المانِعَ -وهو ما يَلزَمُ مِن وُجودِه عَدَمُ الحُكمِ- إنَّما يُعتَبَرُ ويُعتَدُّ به إذا وُجِدَ ما يَستَلزِمُ وُجودَ الحُكمِ، بأن تَوافرَت أسبابُ الحُكمِ وشُروطُه، أمَّا إذا لم تَتَوافرِ الأسبابُ أوِ اختَلَّتِ الشُّروطُ، فيَكونُ انتِفاءُ الحُكمِ وقتَها لانتِفاءِ سَبَبِه، أوِ اختِلالِ شَرطِه، وليسَ لوُجودِ المانِعِ؛ لأنَّ المانِعَ إنَّما يعمَلُ ويُعتَدُّ به عِندَ وُجودِ ما يَقتَضي الحُكمَ، وهو إذا ما تَوافرَتِ الأسبابُ والشُّروطُ، أمَّا عِندَ اختِلالِها فيُضافُ نَفيُ الحُكمِ إليها لا إلى وُجودِ المانِعِ [769] يُنظر: ((أصول الفقهـ)) لابن مفلح (3/1224)، ((العناية)) للبابرتي (4/284)، ((البناية)) للعيني (5/569)، ((تهذيب الفروق)) لمحمد علي حسين (2/175). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ:
وهو أنَّ المانِعَ إنَّما يُسَمَّى مانِعًا لأجلِ مَنعِه شَيئًا، فحَقيقةُ المانعيَّةِ لا تَتَحَقَّقُ إلَّا بالمَنعِ بالفِعلِ، والمَنعُ بالفِعلِ فرعُ وُجودِ المُقتَضي؛ لأنَّه إذا لم يَتَحَقَّقْ ما يَقتَضي وُجودَ الشَّيءِ لا يَكونُ ذلك الشَّيءُ في مَعرِضِ الظُّهورِ مِنَ القوَّةِ إلى الفِعلِ حتَّى يُتَصَوَّرَ هناكَ مَنعٌ عنِ الظُّهورِ والوُجودِ [770] يُنظر: ((تيسير التحرير)) لابن أمر بادشاه (4/38). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- الأُبوَّةُ؛ فإنَّها مانِعةٌ مِنَ القِصاصِ، ولا يَكونُ ذلك إلَّا مِمَّن قَتَل ابنَه، فإذا لم يَحصُلْ مِنه قَتلٌ لا يُقالُ: الأُبوَّةُ مانِعةٌ مِنَ القِصاصِ؛ لعَدَمِ المُقتَضي حينَئِذٍ [771] يُنظر: ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (10/166)، ((الموافقات)) للشاطبي (1/412)، ((تهذيب الفروق)) لمحمد علي حسين (2/175)، ((الفقه الإسلامي وأدلتهـ)) لوهبه الزحيلي (7/5675). .
2- الدَّينُ فإنَّه يَكونُ مانِعًا مِن وُجوبِ الزَّكاةِ، ولا يَتَحَقَّقُ ذلك إلَّا بَعدَ قيامِ المُقتَضي، وهو بُلوغُ المالِ النِّصابَ، فإذا لم يَبلُغِ النِّصابَ لا يُقالُ: الدَّينُ مَنَع الزَّكاةَ [772] يُنظر: ((الموافقات)) للشاطبي (1/412)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (3/327،326)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/6)، ((الاختيار)) للموصلي (1/100)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/241)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/394،393)، ((الدر الثمين)) لميارة المالكي (ص:114). .

انظر أيضا: