الفرعُ الثَّاني: الحُكمُ المُعَلَّقُ بشَرطٍ لا يَثبُتُ عِندَ وُجودِ بَعضِ الشَّرطِ
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الحُكمُ المُعَلَّقُ بشَرطٍ لا يَثبُتُ عِندَ وُجودِ بَعضِ الشَّرطِ"
[501] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/125). ، وبصيغةِ: "المُعَلَّقُ بالشَّرطِ لا يوجَدُ إلَّا عِندَ استِكمالِ الشَّرطِ"
[502] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/271). ، وبصيغةِ: "المُعَلَّقُ بالشَّرطِ لا يَنزِلُ ما لم يَنزِلْ كَمالُ شَرطِه"
[503] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/26). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ المُعَلَّقَ بالشَّرطِ لا يَثبُتُ حُكمُه في مَحَلِّه بوُجودِ بَعضِ الشَّرطِ، فلا يَنزِلُ إلَّا بَعدَ وُجودِ الشَّرطِ بكَمالِه.
والشَّرطُ المُعَلَّقُ عليه قد يَكونُ شَيئًا واحِدًا، وقد يَكونُ مُتَعَدِّدًا، فإذا كان الشَّرطُ مُتَعَدِّدًا فإنَّه لا يَثبُتُ حُكمُه إلَّا إذا وُجِدَ الشَّرطُ بتَمامِه وكَمالِه، ولا يَثبُتُ حُكمُ الشَّرطِ في جُزءٍ مِنَ المَحَلِّ أو بَعضِه
[504] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/271)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (10/764). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالسُّنَّةِ، والإجماعِ:
1- مِنَ السُّنَّةِ: عنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كُنتُ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ، فأَهوَيتُ لأنزِعَ خُفَّيه، فقال:
((دَعْهما، فإنِّي أدخَلتُهما طاهرَتَينِ)) فمَسَحَ عليهما
[505] أخرجه البخاري (206) واللفظ له، ومسلم (274). .
وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَعَل الطَّهارةَ قَبلَ لُبسِ الخُفِّ شَرطًا لجَوازِ المَسحِ، والمُعَلَّقُ بشَرطٍ لا يَصِحُّ إلَّا بوُجودِ ذلك الشَّرطِ، والمُرادُ بالطَّهارةِ الكامِلةُ، فلو تَوضَّأ وبَقيَ غَسلُ إحدى رِجلَيه فلبسَ الخُفَّ ثُمَّ غَسَل الثَّانيةَ ولبسَ الخُفَّ الآخَرَ، لم يَحِلَّ له المَسحُ عِندَ الأكثَرِ
[506] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/310). .
2- مِنَ الإجماعِ: ومِمَّن نَقَله: ابنُ العَرَبيِّ
[507] قال: (بعض الشرط لا يكون شرطًا إجماعًا). ((أحكام القرآن)) (1/29). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ. تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ؛ مِنها:
1- إذا قال لزَوجَتَيه: إن شِئتُما فأنتُما طالقانِ. فشاءَت إحداهما دونَ الأُخرى: كان باطِلًا؛ لأنَّ مَعنى قَولِه: (إن شِئتُما) أي: شِئتُما طَلاقَكُما، وبمَشيئةِ إحداهما وُجِد بَعضُ الشَّرطِ، وبوُجودِ بَعضِ الشَّرطِ لا يَنزِلُ شَيءٌ مِنَ الجَزاءِ
[508] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (6/201). .
2- مَن حَلَف لا يَفعَلُ شَيئًا، ففعَل بَعضَه، لم يَحنَثْ حتَّى يَفعَلَه كُلَّه، فإذا حَلَف: لا يَأكُلُ كُلَّ هذا الطَّعامِ، فأكَل بَعضَه، فإنَّه لا يَحنَثُ؛ لأنَّ الحِنثَ هناكَ مُعَلَّقٌ بالشَّرطِ، وهو أكلُ كُلِّ الطَّعامِ، والمُعَلَّقُ بشَرطٍ لا يَنزِلُ عِندَ وُجودِ بَعضِ الشَّرطِ
[509] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (7/424)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/169). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش