تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
أوَّلًا: صِيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "مَن تَصَرَّف مُستَنِدًا إلى سَبَبٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُه فيه وأنَّ السَّبَبَ المُعتَمَدَ غَيرُه، وهو مَوجودٌ، فتَصَرُّفُه صحيحٌ" [280] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/483). . ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. إذا تَصَرَّف شَخصٌ مُعتَمِدًا في تَصَرُّفِه على سَبَبٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ له خَطَأُ ما اعتَمَدَ عليه مِن سَبَبٍ، بأن لم يَكُنْ هذا السَّبَبُ مَوجودًا حَقيقةً، ولكِن وُجِدَ سَبَبٌ آخَرُ صحيحٌ لم يَكُنْ قدِ اعتمدَ عليه، ولكِنَّه كان مَوجودًا وقتَ حُصولِ التَّصَرُّفِ، فهذا يَشمَلُ حالتَينِ: الأولى: أن يَكونَ السَّبَبُ الذي اعتَمَدَه صحيحًا، لكِنَّه لم يَثبُتْ له، أي: لم يوجَدْ حَقيقةً، كَمَنِ استَدَلَّ على القِبلةِ بنَجمٍ يَظُنُّه الجَدْيَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أنَّه نَجمٌ آخَرُ مُشابهٌ له، فإنَّ السَّبَبَ الذي اعتَمَدَه -وهو دَلالةُ نَجمِ الجَدْيِ- لم يَثبُتْ له حَقيقةً، وإن كان في أصلِه سَبَبًا أو دَليلًا صحيحًا. الثَّانيةُ: أن يَكونَ السَّبَبُ الذي اعتَمَدَه غَيرَ صحيحٍ، مِثلُ أن يَتَصَرَّفَ في سِلعةٍ بناءً على شِرائِه إيَّاها، ثُمَّ يَتَبَيَّنَ أنَّ الشِّراءَ فاسِدٌ، وتَكونُ هذه السِّلعةُ قدِ انتَقَلت إلى مِلكِه بسَبَبٍ آخَرَ، كالإرثِ مَثَلًا. ففي الحالتَينِ يَكونُ الفِعلُ قد وقَعَ موافِقًا للصَّوابِ؛ لوُجودِ سَبَبِه الصَّحيحِ، وإن لم يَبنِ المُكَلَّفُ تَصرُّفَه عليه، بَل بَناه على غَيرِه [281] يُنظر للمعنى الإجمالي: ((القواعد)) لابن رجب (1/483)، ((القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير)) لعبدالرحمن آل عبداللطيف (1/453، 454). . وثَمَّةَ عَلاقةٌ بَينَ هذه القاعِدةِ وقاعِدةِ (لا عِبرةَ بالظَّنِّ البَيِّنِ خَطَؤُهـ)؛ مِن حَيثُ إنَّهما يَشتَرِكانِ في وُجودِ ظَنٍّ ظَنَّه المُكَلَّفُ، ثُمَّ بانَ له خَطَأُ هذا الظَّنِّ، إلَّا أنَّ الأولى تَختَصُّ بما إذا كان السَّبَبُ المُستَندُ إليه صحيحًا، بخِلافِ ما إذا كان غَيرَ صحيحٍ، فلا عِبرةَ بالظَّنِّ حينَها، كَما في القاعِدةِ الثَّانيةِ [282] يُنظر: ((معلمة زايد)) (7/70-73). . ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ: وهو أنَّه استندَ إلى سَبَبٍ مُسَوِّغٍ، وكان له مُسَوِّغٌ غَيرُه في نَفسِ الأمرِ، فاستَنَدَ التَّصَرُّفُ إلى مُسَوِّغٍ في الباطِنِ والظَّاهِرِ [283] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/483). . رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ. مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ: 1- إذا استَدَلَّ على القِبلةِ بدَليلٍ مُعَيَّنٍ، كالاستِدلالِ بنَجمٍ مُعيَّنٍ على اتِّجاهِ القِبلةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أنَّه نَجمٌ آخَرُ، ولكِنَّه مُقارِبٌ له، صَحَّت صَلاتُه [284] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/483). . 2- مَن تَصَرَّف في شَيءٍ اشتَراه، ثُمَّ ظَهَرَ أنَّ البَيعَ فاسِدٌ، لكِنَّ ذلك الشَّيءَ انتَقَل إلى مِلكِه بسَبَبٍ آخَرَ كالإرثِ، صَحَّ تَصَرُّفُه [285] يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (3/357)، ((القواعد)) لابن رجب (1/483)، ((الدر المختار)) ومعه حاشية ((رد المحتار)) لابن عابدين (5/107،106). .