موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: مُطلَقُ الإقرارِ بالعَقدِ يَتَناولُ الصَّحيحَ مِنَ العَقدِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "مُطلَقُ الإقرارِ بالعَقدِ يَتَناولُ الصَّحيحَ مِنَ العَقدِ" [193] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/188). . وبصيغةِ: "مُطلَقُ الإقرارِ يَنصَرِفُ إلى العُقودِ لتَعَيُّنِها مَشروعةً، لا إلى الاستِهلاكِ المُحَرَّمِ" [194] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (3/ 184). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الأصلُ في العُقودِ الشَّرعيَّةِ مِن بَيعٍ وإجارةٍ ونِكاحٍ ونَحوِ ذلك الصِّحَّةُ، فإذا تَعاقدَ شَخصانِ فإنَّ العَقدَ يُحمَلُ على الصَّحيحِ ما أمكَنَ حتَّى يَحصُلَ مَقصودُ المُتَعاقِدَينِ وغَرَضُهما، وإذا أقَرَّ شَخصٌ بعَقدٍ مِنَ العُقودِ فإنَّه يُحمَلُ على الصَّحيحِ كذلك؛ لأنَّ المُسلمَ مُلتَزِمٌ بقَواعِدِ الشَّرعِ وقانونِه، فإذا أقَرَّ بعَقدٍ ثُمَّ أرادَ حَملَه على عَقدٍ فاسِدٍ وخالفَه المُقِرُّ له فإنَّ الإقرارَ يُحمَلُ على الصَّحيحِ مِنَ العَقدِ لا الفاسِدِ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ تَطبيقًا وفرعًا لقاعِدةِ (الأصلُ في أقوالِ المُسلمينَ وأعمالِهمُ الصِّحَّةُ) كَما أنَّها تُعتَبَرُ أخَصَّ مِنها [195] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/188)، ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (19/323)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (10/654). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ (الأصلُ في أقوالِ المُسلمينَ وأعمالِهمُ الصِّحَّةُ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- مَن عُرِف له حالُ جُنونٍ وإفاقةٍ، ثُمَّ ادَّعى أنَّ الإقرارَ مِنه كان في حالِ جُنونِه، وقال المُقرُّ له: بَل في حالِ إفاقَتِه، فإنَّه يُحمَلُ على حالِ الإفاقةِ؛ لأنَّ مُطلَقَ الإقرارِ مَحمولٌ على الصَّحيحِ [196] يُنظر: ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (19/323)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/219). .
2- إذا افتَرَقَ مُتَفاوِضانِ، ثُمَّ ادَّعى أحَدُهما أنَّ صاحَبَه كان شَريكَه بالثُّلثِ، وادَّعى صاحِبُه النِّصفَ، وكِلاهما مُقِرٌّ بالمُفاوَضةِ، فجَميعُ المالِ بَينَهما نِصفانِ؛ لأنَّ موجِبَ المُفاوضةِ المُساواةُ في مِلكِ المالِ، فاتِّفاقُهما على المُفاوضةِ يَكونُ اتِّفاقًا على حُكمِها، وهو أنَّ المالَ بَينَهما نِصفانِ، ثُمَّ إنَّ مُدَّعيَ التَّفاوُتِ يَكونُ راجِعًا بَعدَ الإقرارِ، ومُناقِضًا في كَلامِه، ومُطلَقُ الإقرار بالعَقدِ يَتَناوَلُ الصَّحيحَ مِنه، ولا تَصِحُّ المُفاوَضةُ إلَّا بَعدَ التَّساوي بَينَهما في المالِ [197] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/188). .

انظر أيضا: