موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّالثُ: الحُكمُ يَثبُتُ بحَسَبِ الحاجةِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الحُكمُ يَثبُتُ بحَسَبِ الحاجةِ" [149] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (6/104). . و"الحُكمُ مَعَ الحاجةِ يُخالفُ الحُكمَ مَعَ عَدَمِ الحاجةِ" [150] يُنظر: ((القواعد النورانية)) لابن تيمية (ص: 122)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (3/ 224). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
ثُبوتُ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ يَكونُ مُقدَّرًا بقدَرِ الحاجةِ إلى ذلك الحُكمِ، أي: في دائِرَتِه التي يُمكِنُ أن يَظهَرَ فيها نُفوذُه ولا يَتَعَدَّاها إلى خارِجِها، فكَما أنَّ الضَّرورةَ تُقدَّرُ بقدرِها فالحُكمُ يُقَدَّرُ بقَدرِ الحاجةِ، وما لا حاجةَ إليه لا يُتَوسَّعُ فيه في الحُكمِ؛ لعَدَمِ وُجودِ حاجةٍ تَدعو إلى هذا التَّوسُّعِ [151] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (6/104)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (3/224). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ على هذه القاعِدةِ بما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدة (ما أُبيحَ للضَّرورةِ يُقَدَّرُ بقَدرِها).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا قال رَجُلٌ لامرَأتِه: إذا حِضتِ فأنتِ طالِقٌ وفُلانةُ مَعَك -أي زَوجَتُه الأُخرى- فقالت إحداهما: "حِضتُ"، فيَقَعُ الطَّلاقُ عليها؛ لأنَّ قَولَها حُجَّةٌ تامَّةٌ فيما لا يَعلَمُه غَيرُها، فيَكونُ ثُبوتُ هذا الشَّرطِ بقَولِها كَثُبوتِ شَرطٍ آخَرَ بالبَيِّنةِ أو بتَصديقِ الزَّوجِ، ولا يَقَعُ الطَّلاقُ بهذا على الزَّوجةِ الأُخرى حتَّى يُعلَمَ أنَّ الأولى قد حاضَت حَقيقةً؛ لأنَّ في ذلك حَقَّ الضَّرَّةِ، وهيَ ما سَلَّطَتها ولا رَضيَت بخَبَرِها في حَقِّ نَفسِها، ثُمَّ قَبولُ قَولِها فيما لا يَعلَمُه غَيرُها لأجلِ الضَّرورةِ، وذلك في حَقِّ نَفسِها خاصَّةً كَما في حِلِّ الوَطءِ، وانقِضاءِ العِدَّةِ، والحُكمُ يَثبُتُ بحَسَبِ الحاجةِ [152] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (6/104). .
2- إذا شَهدَ امرَأتانِ ورَجُلٌ بالسَّرِقةِ، ثَبَتَ المالُ لصاحِبِه، ولم يَثبُتِ القَطعُ؛ لأنَّ الحُدودَ لا يُقبَلُ فيها شَهادةُ النِّساءِ. فقُبِلَت شَهادَتُهنَّ بالمالِ دونَ القَطعِ؛ لأنَّ الحُكمَ بحَسَبِ الحاجةِ [153] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/106)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (3/225). .

انظر أيضا: