موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: إشارةُ النَّاطِقِ القادِرِ على العِبارةِ لَغوٌ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "إشارةُ النَّاطِقِ القادِرِ على العِبارةِ لَغوٌ" [102] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/166). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
القادِرُ على الكَلامِ يُعَبِّرُ عَمَّا يُريدُه بقَولِه وعِبارَتِه، والعاجِزُ عنِ النُّطقِ كالأخرَسِ تُنَزَّلُ إشارَتُه مَنزِلةَ العِبارةِ في البَيانِ عَمَّا يُريدُه؛ لأنَّ في الإشارةِ نَوعَ بَيانٍ، كَما أنَّه لا قُدرةَ لدَيه على البَيانِ إلَّا بهذا، أمَّا النَّاطِقُ فبإمكانِه البَيانُ بالعِبارةِ، فحينَئِذٍ لا يُقبَلُ مِنه البَيانُ بالإشارةِ، وتُعتَبَرُ إشارَتُه لغوًا لا يَتَرَتَّبُ عليها حُكمٌ؛ لكَونِه لم يَأتِ بما يَقدِرُ عليه مِنَ البَيانِ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ استثناءً مِن قاعِدةِ (الإشارةُ أبلغُ أسبابِ التَّعريفِ) [103] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي 1/164)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (1/505)، ((المعيد في أدب المفيد والمستفيد)) للعلموي (ص: 119). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ، وهو:
1- أنَّ إشارةَ النَّاطِقِ لا يُقصَدُ بها الإفهامُ إلَّا نادِرًا، ولا هيَ مَوضوعةٌ له [104] يُنظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/256). .
2- أنَّ المَعنى المُعتَبَرَ في قيامِ الإشارةِ مَقامَ العِبارةِ هو الضَّرورةُ؛ فالعاجِزُ أتى بأقصى ما يَقدِرُ عليه في البَيانِ، وهذا المَعنى مُنتَفٍ في القادِرِ على النُّطقِ [105] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي 1/164). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
1- لو أشارَ النَّاطِقُ بإنشاءِ عَقدٍ أو فسخٍ لم يُعتَدَّ بإشارَتِه [106] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي 1/164)، ((النجم الوهاج)) للدميري (4/17). .
2- لو أومَأ النَّاطِقُ برَأسِه لا يَكونُ إقرارًا بمالٍ ولا بَيعٍ؛ لأنَّه لا يَحصُلُ اليَقينُ بالإشارةِ، ولا ضَرورةَ توجِبُ العَمَلَ بها؛ لقُدرَتِه على النُّطقِ [107] يُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (ص: 528)، ((المغني)) لابن قدامة (10/172). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
1- لو أشارَ مُسلِمٌ إلى كافِرٍ فانحازَ مِن صَفِّ الكُفَّارِ إلى صَفِّ المُسلمينَ، وقال: أرَدنا بالإشارةِ الأمانَ، كان ذلك أمانًا؛ تَغليبًا لحَقنِ الدَّمِ [108] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/166)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (1/505)، ((الدر المختار)) للحصكفي (ص: 528)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (9/267). .
2- لو قال رَجُلٌ لزَوجَتِه: أنتِ طالقٌ هَكَذا، وأشارَ بأصابعِه الثَّلاثِ، وقَعَ الطَّلاقُ ثَلاثًا؛ لأنَّ قَولَه: "هَكَذا" تَصريحٌ بالتَّشبيهِ بالأصابعِ في العَدَدِ، وهذا يُعَدُّ بَيانًا [109] يُنظر: ((الأصل)) للشيباني (4/495)، ((المغني)) لابن قدامة (7/485)، ((المنثور)) للزركشي (1/166)، ((المعيد في أدب المفيد والمستفيد)) للعلموي (ص: 119)، ((الدر المختار)) للحصكفي (ص: 528). .

انظر أيضا: