موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ الأوَّلُ: قاعِدةُ الإشارةُ أبلغُ أسبابِ التَّعريفِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الإشارةُ أبلَغُ أسبابِ التَّعريفِ" [92] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/83) و (6/121). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
مِن شُروطِ المَعقودِ عليه أن يَكونَ مَعلومًا عِلمًا يَنفي الجَهالةَ عنه، ويَحصُلُ العِلمُ بالمَعقودِ عليه بأُمورٍ مُتَعَدِّدةٍ؛ مِنها: تَسميَتُه، وذِكرُ نَوعِه وصِفتِه، وتُشيرُ هذه القاعِدةُ إلى أنَّ مِمَّا يَحصُلُ به العِلمُ بالشَّيءِ الإشارةَ إليه وهو حاضِرٌ؛ فالإشارةُ إلى الشَّيءِ تَعريفٌ له، وتَكفي وتُغني عن غَيرِها مِن وسائِلِ التَّعريفِ الأُخرى، بَل هيَ تُعتَبَرُ أقوى وسائِلِ تَعريفِ الشَّيءِ وتَمييزِه عن غَيرِه؛ لكَونِها تَنفي الجَهالةَ والاحتِمالَ عنِ المُعَرَّفِ، بخِلافِ غَيرِها مِن وسائِلِ التَّعريفِ، كالتَّسميةِ وذِكرِ النَّوعِ والصِّفةِ [93] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/83)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/279)، ((الهداية)) للمرغيناني (1/204) و (3/23). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ:
وهو أنَّ الإشارةَ تَقطَعُ الاشتِراكَ بَينَ المُشارِ إليه وغَيرِه مِن جِنسِه مِن كُلِّ وَجهٍ؛ لأنَّها بمَنزِلةِ وضعِ اليَدِ على الشَّيءِ، ويَحصُلُ بها كَمالُ التَّمييزِ [94] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/83). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
1- إذا نَظَرَ أحَدٌ إلى إبلٍ أو غَنَمٍ، فقال: قد أخَذتُ كُلَّ واحِدٍ مِن هذا بكَذا، ولم يُسَمِّ جَماعَتَها، فالعَقدُ فاسِدٌ عِند أبي حَنيفةَ في الكُلِّ، وعِندَ الصَّاحِبَينِ: جائِزٌ في الكُلِّ؛ لأنَّ ما يُعلَمُ جُملتُه بالإشارةِ فالعَقدُ يَتَناولُ الكُلَّ، كَما لو كان مَعلومَ الجُملةِ بالتَّسميةِ؛ لأنَّ الإشارةَ أبلغُ في التَّعريفِ مِنَ التَّسميةِ [95] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (13/5)، ((العناية)) للبابرتي (6/270). .
2- إذا اختَصَمَ رَجُلانِ في دابَّةٍ أو عَرَضٍ مِنَ العُروضِ كائِنًا ما كان، وهو قائِمٌ بعَينِه، فإن كان مِمَّا يُنقَلُ ويُمكِنُ إحضارُه بيُسرٍ فإنَّ القاضيَ لا يَسمَعُ مِن واحِدٍ مِنهما البَيِّنةَ والدَّعوى حتَّى يُحضِرا ذلك الذي اختَصَما فيه؛ لأنَّ إعلامَ المُدَّعى شَرطٌ لصِحَّةِ الدَّعوى والشَّهادةِ، وتَمامُ الإعلامِ يَكونُ بالإشارةِ إلى العَينِ [96] يُنظر: ((المبسوط)) (17/63)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (18/529). .

انظر أيضا: