موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: الاطِّرادُ


المُرادُ بشَرطِ "الاطِّرادِ" تَعَلُّقُ حُكمِ القاعِدةِ بجَميعِ جُزئيَّاتِها دونَ تَخَلُّفِ واحِدةٍ مِنها، بحَيثُ يَتَحَقَّقُ فيها المَعنى اللُّغَويُّ المَذكورُ مِنَ تَّتابُعٍ، واستِمرارٍ، وجرَيانٍ، واستِقامةٍ. فالتَّتابُعُ: أن يَتبَعَ بَعضُ فُروعِها بَعضًا في الحُكمِ الجامِعِ. والِاستِمرارُ: أن يَستَمِرَّ هذا التَّتابُعُ مِن غَيرِ تَوقُّفٍ. والجَرَيانُ: أن يَجريَ حُكمُها على جُزئيَّاتِها كَجَرَيانِ النَّهَرِ مِن غَيرِ تَوقُّفٍ. والِاستِقامةُ: كَونُها لا تَتَخَلَّفُ ولا تَحيدُ.
فاطِّرادُ القاعِدةِ هو الأصلُ فيها، لكِن قد يَتَخَلَّفُ حُكمُها بشُذوذِ بَعضِ جُزئيَّاتِها عَنِ الاندِراجِ فيه، وحينَئِذٍ يَكونُ تَعَلُّقُ القاعِدةِ بجُزئيَّاتِها أغلَبيًّا، وهذا هو حالُ مُعظَمِ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ وواقِعِها كما دَلَّ عليه التَّتَبُّعُ والِاستِقراءُ [47] ((معلمة زايد)) (1/ 364)، ((قواعد الفقه الكلية)) لعلام (ص: 78- 80). . وهذا التَّخَلُّفُ لبَعضِ الجُزئيَّاتِ لا يَقدَحُ في القاعِدةِ كما سَبَقَ بَيانُه في مَعنى الكُلِّيَّةِ.
وقد نَصَّ كَثيرٌ مِنَ العُلَماءِ على وصفِ القاعِدةِ بالِاطِّرادِ في سياقِ تَناوُلِهم للقَواعِدِ، ومِن ذلك:
قَولُ النَّوويِّ: (الأصلُ واليَقينُ لا يُترَكُ حُكمُه بالشَّكِّ، وهذه قاعِدةٌ مُطَّرِدةٌ لا يَخرُجُ مِنها إلَّا مَسائِلُ يَسيرةٌ لأدِلَّةٍ خاصَّةٍ على تَخصيصِها، وبَعضُها إذا حُقِّقَ كانَ داخِلًا فيها) [48] ((المجموع)) (1/ 205). .
وقال القَرافيُّ: (اطِّرادُ قاعِدةِ صاحِبِ الشَّرعِ في رِعايةِ المَصالِحِ) [49] ((الفروق)) (2/ 156). .
وقال أيضًا: (فهذه القاعِدةُ في هذا الفَرقِ مُطَّرِدةٌ في جَميعِ المُتَناولاتِ) [50] ((الفروق)) (3/ 97). .
وقال ابنُ المُلَقِّنِ: (وهذه قاعِدةٌ مُطَّرِدةٌ في جَميعِ الأبوابِ) [51] ((الأشباه والنظائر)) (1/ 512). .
وقال الحِصنيُّ: (وهيَ قاعِدةٌ مُطَّرِدةٌ في جَميعِ مَسائِلِ النِّيَّةِ) [52] ((القواعد)) (1/ 224). .
وقال أيضًا: (وهذه قاعِدةٌ مُطَّرِدةٌ في الزَّوائِدِ المُتَّصِلةِ: أنَّها تَتبَعُ الأصلَ إلَّا في مَوضِعٍ واحِدٍ) [53] ((القواعد)) (2/ 251). .

انظر أيضا: