موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: عِبارةُ الصَّبيِّ غَيرُ مُعتَبَرةٍ في العُقودِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "عِبارةُ الصَّبيِّ غَيرُ مُعتَبَرةٍ في العُقودِ" [5669] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (4/226). . وصيغةِ: "عُقودُ الصَّبيِّ باطِلةٌ بإذنِ وليِّه وغَيرِ إذنِه" [5670] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (5/ 369). ، وصيغةِ: "عَقدُ الصَّبيِّ لا يَصِحُّ" [5671] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (2/ 131). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعدةِ.
ما يَصدُرُ عَنِ الصَّبيِّ مِن أقوالٍ أو تَصَرُّفاتٍ في العُقودِ كالبَيعِ، والشِّراءِ، والإجارةِ، وغَيرِها مِنَ التَّصَرُّفاتِ الماليَّةِ لا يُعتَدُّ به شَرعًا، ولا يَكونُ نافِذًا عِندَ الشَّافِعيَّةِ، ويَقسِمُه الحَنَفيَّةُ إلى ثَلاثةِ أقسامٍ: ما فيه نَفعٌ مَحضٌ فيَعتَبِرونَ قَولَه فيه، وما فيه ضَرَرٌ مَحضٌ فلا يُعتَدُّ بعِبارةِ الصَّبيِّ فيه، وما يَدورُ بَينَ الضَّرَرِ والنَّفعِ فيَقَعُ مَوقوفًا على إجازةِ الوليِّ [5672] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (4/226) و (25/21،20)، ((التهذيب)) للبغوي (3/552)، ((رؤوس المسائل)) للزمخشري (ص: 293)، ((تقويم النظر)) لابن الدهان (2/319)، ((إيثار الإنصاف)) لسبط ابن الجوزي (ص: 387)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/137). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ يقاعِدةِ: (عِبارةُ الصَّبيِّ مُلغاةٌ).
رابعًا: أمثلةٌ للقاعدةِ.
مِنَ الأمثلةِ على هذه القاعدةِ:
1- إذا تَزَوَّجَ الصَّغيرُ امرَأةً فأجازَ ذلك وليُّه جازَ عِندَ الحَنَفيَّةِ؛ لأنَّ الصَّبيَّ العاقِلَ مِن أهلِ العِبارةِ عِندَهم، ولَكِن يَحتاجُ إلى انضِمامِ رَأيِ الوليِّ إلى مُباشَرَتِه ليَحصُلَ تَمامُ النَّظَرِ، فإذا أجازَ الوليُّ جازَ ذلك، وكان ذلك كَمُباشَرةِ الوليِّ بنَفسِه حَتَّى يَثبُتَ له الخيارُ إذا بَلَغَ، وعَلى قَولِ الشَّافِعيِّ لا يَنفُذُ بإجازةِ الوليِّ؛ لأنَّ عِبارةَ الصَّبيِّ غَيرُ مُعتَبَرةٍ في العُقودِ [5673] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (4/226). .
2- لَو وكَّلَ صَبيٌّ وكيلًا في بَيعِ شَيءٍ، فلَم يَبِعِ الوكيلُ حَتَّى بَلَغَ الصَّبيُّ، ثُمَّ باعَ، فالبَيعُ باطِلٌ؛ لأنَّ قَولَ الصَّبيِّ لا حُكمَ له، فلَم يَتَعَلَّقْ بإذنِه جَوازُ التَّصَرُّفِ [5674] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (4/171). .
3- لَو وهَبَ الصَّبيُّ مالًا فلا تَصِحُّ هبَتُه؛ لأنَّ الهبةَ تَبَرُّعٌ، فلا يَملِكُها مَن لا يَملِكُ التَّبَرُّعَ، فلا تَجوزُ هبةُ الصَّبيِّ؛ لأنَّه لا يَملِكُ التَّبَرُّعَ لكَونِه ضَرَرًا مَحضًا لا يُقابِلُه نَفعٌ دُنيَويٌّ، فلا يَملِكُها الصَّبيُّ [5675] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/118). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استثناءاتٌ:
يُستثنى مِنَ القاعدةِ بعضُ الصُّوَرِ، منها:
1- الوَكالةُ:
فتَصِحُّ عِبارةُ الصَّبيِّ في مالِ غَيرِه وطَلاقِ غَيرِه وعتاقِ غَيرِه إذا كان وكيلًا. فإذا وكَّلَ الرَّجُلُ صَبيًّا بطَلاقِ امرَأتِه فطَلَّقَها طُلِّقَتِ امرَأةُ الموكِّلِ [5676] يُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحداد (1/ 240). .
2- الوَصيَّةُ:
قال الجُوَينيُّ: (لا تَصلُحُ عِبارَتُه لشَيءٍ مِنَ العُقودِ خَلا الوصيَّةَ والعِبادةَ) [5677] ((نهاية المطلب)) (5/ 464). .

انظر أيضا: