المَطلَبُ الأوَّلُ: كُلُّ ما يَصِحُّ تَأبيدُه مِن عُقودِ المُعاوَضاتِ فلا يَصِحُّ تَوقيتُه
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ ما يَصِحُّ تَأبيدُه مِن عُقودِ المُعاوَضاتِ فلا يَصِحُّ تَوقيتُه"
[5612] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الروقي (ص: 362)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/626). ، وصيغةِ: "كُلُّ عَقدِ مُعاوَضةٍ يَصِحُّ تَأبيدُه لم يَصِحَّ تَوقيتُه"
[5613] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/711). ، وصيغةِ: "تَمليكُ عُقودِ الأعيانِ يُبطِلُها التَّوقيتُ"
[5614] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/369). ، وصيغةِ: "العُقودُ المُطلَقةُ القابلةُ للتَّأبيدِ مَحمولةٌ على التَّأبيدِ"
[5615] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (11/151). ، وصيغةِ: "كُلُّ عَقدٍ صَحَّ مُطلَقًا بَطَلَ بالتَّوقيتِ، كالنِّكاحِ"
[5616] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (7/358). ، وصيغةِ: "ما لا يَقبَلُ التَّوقيتَ بحالٍ مَتى أُقِّتَ بَطَل"
[5617] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 282). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ عُقودَ المُعاوَضاتِ التي يَتِمُّ فيها المُبادَلةُ مِنَ الطَّرَفينِ مَحمولةٌ على التَّأبيدِ، فالأصلُ أنَّ اللَّائِقَ بكُلِّ عَقدٍ ما أُثبِتَ فيه: إمَّا تأقيتٌ، أو تَأبيدٌ، فبَعضُها يَكونُ مُؤَبَّدًا، أي: على الدَّوامِ بحَسَبِ طَبيعَته؛ ولذلك لا يَصِحُّ تَوقيتُه بوقتٍ مُحَدَّدٍ، فإن وُقِّتَ بطَل، كالبَيعِ، نَحوُ أن يَقولَ البائِعُ: قد بعتُك هذا الشَّيءَ عَشَرةَ أيَّامٍ، فظَهَرَ أنَّ تَمليكَ عُقودِ الأعيانِ يُبطِلُها التَّوقيتُ؛ لأنَّ تَوقيتَ المِلكِ بالمُدَّةِ لا يَكونُ إلَّا في المَنافِعِ التي تحدُثُ في المُدَّةِ
[5618] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/369)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (19/336)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (2/36)، ((القواعد)) لمحمد الزحيلي (1/626). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالسُّنَّةِ:
فعَن عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه قال لابنِ عَبَّاسٍ:
((إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نَهى عنِ المُتعةِ، وعَن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ زَمَنَ خَيبَرَ )) [5619] أخرجه البخاري (5115) واللفظ له، ومسلم (1407). .
وَجهُ الدَّلالةِ: دَلَّ ذلك على أنَّ عَقدَ النِّكاحِ مِنَ المُعاوَضاتِ، فالأصلُ فيه التَّأبيدُ، فلا يَصِحُّ تَوقيتُه؛ لذلك لا يَجوزُ نِكاحُ المُتعةِ
[5620] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/711)، ((القواعد)) لمحمد الزحيلي (1/626). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ. تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- عَقدُ البَيعِ عِبارةٌ عن مُبادَلةِ مالٍ بمالٍ على التَّأبيدِ، وهو رَأسُ عُقودِ المُعاوَضاتِ، فلا يَصِحُّ تَوقيتُه؛ لذلك فإنَّ البَيعَ لا يتوَقَّتُ، وأمَّا قَولُ الرَّجُلِ للآخَرِ: بِعتُك داري شَهرًا -مَثَلًا- فهذه إجارةٌ وليست بَيعًا
[5621] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الروقي (ص: 362)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/626)، ((مقاصد الشريعة)) لابن عاشور (2/438). .
2- نِكاحُ المُتعةِ باطِلٌ؛ لأنَّ عَقدَ النِّكاحِ مِنَ المُعاوَضاتِ؛ لأنَّه بمَنزِلةِ عَقدِ تَمليكِ الأعيانِ في جَوازِه، غَيرُ مُؤَقَّتٍ؛ حَيثُ إنَّ مِلكَ النِّكاحِ في حُكمِ مِلكِ العَينِ، فكان التَّأبيدُ مِن شَرطِه، والتَّأقيتُ مُبطِلًا له، فالأصلُ فيه التَّأبيدُ، ولا يَصِحُّ تَوقيتُه؛ لأنَّ مَقصودَ النِّكاحِ لا يَثبُتُ إلَّا مَجهولًا مَمدودًا على أمَدِ العُمُرِ، والتَّأقيتُ يُفسِدُه، فإذا وُقِّتا فقد وُجِدَ مِنهما التَّنصيصُ على المُتعةِ، فلا يَنعَقِدُ به النِّكاحُ، وإن ذُكِر لفظُ النِّكاحِ
[5622] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/369)، ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/711)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (19/336)، ((المبسوط)) للسرخسي (5/153)، ((الهداية)) للمرغيناني (2/299)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/626). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش