الفرعُ الثَّاني: الزِّيادةُ في مَجلِسِ العَقدِ تُلحَقُ به
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الزِّيادةُ في مَجلِسِ العَقدِ تُلحَقُ به"
[5341] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (7/255)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (13/563). ، وصيغةِ: الزِّيادةُ تَلحَقُ العَقدَ، فيَصيرُ كالمَوجودِ وقتَ العَقدِ
[5342] يُنظر: ((الفروق)) للكرابيسي (2/114). ، وصيغةِ: الزِّيادةُ تَلحَقُ العَقدَ، وتَصيرُ كَأنَّها كانت مَوجودةً فيه
[5343] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (7/187). ، وصيغةِ: الزِّيادةُ تَلحَقُ العَقدَ، وتَصيرُ كالمَوجودةِ فيه
[5344] يُنظر: ((شرح مختصر الكرخي)) للقدوري (6/78). ، وصيغةِ: الزِّيادةُ تَلحَقُ العَقدَ وتَصيرُ كالمَوجودةِ في تلك الحالِ
[5345] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (9/4701). ، وصيغةِ: الزِّيادةُ مَتى صَحَّت التَحَقَت بأصلِ العَقدِ، وصارَت كالمَوجودِ لدى العَقدِ
[5346] يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (7/187). ، وصيغةِ: الزِّيادةُ تَلحَقُ العَقدَ ويَصيرُ كَأنَّ العَقدَ ورَدَ على الأصلِ والزِّيادةِ جَميعًا
[5347] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/290). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الزِّيادةَ في مَجلِسِ العَقدِ مِن أحَدِ المُتَعاقِدينِ مَتى صَحَّت التَحَقَت حُكمًا بأصلِ العَقدِ القائِمِ وقتَ الزِّيادةِ، وصارَت كالمَوجودِ لدى العَقدِ، ومَعنى أنَّ الزِّيادةَ تُلحَقُ بالعَقدِ: أنَّها تَلزَمُ ويَثبُتُ المِلكُ فيها، فيَصيرُ كَأنَّ العَقدَ ورَدَ على الأصلِ والزِّيادةِ جَميعًا؛ حَيثُ إنَّ أصلَ العَقدِ السَّابقِ قائِمٌ في الحالِ حُكمًا؛ ولهذا يَرِدُ عليه الفسخُ، فإذا زادَ أحَدَ المُتَعاقِدينِ شَيئًا بَعدَ العَقدِ، ورَضيَ به الآخَرُ، صَحَّتِ الزِّيادةُ، والتَحَقَت بأصلِ العَقدِ، إلَّا أنَّه يُشتَرَطُ في صِحَّةِ الزِّيادةِ أن يَكونَ المَزيدُ مَعلومًا
[5348] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (7/187)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/290)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (7/187)، ((المغني)) لابن قدامة (10/80)، ((الفروق)) للكرابيسي (2/114)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/239). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المَجلِسُ حَريمُ العَقدِ ولَه حُكمُه في الابتِداءِ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ الزِّيادةَ في مَجلِسِ العَقدِ كالمَوجودِ لدى العَقدِ، فتُلحَقُ به حُكمًا؛ لأنَّ المَجلسَ حَريمُ العَقدِ ويَأخُذُ حُكمَه.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقَواعِدِ الآتيةِ:
1- القاعِدةُ الأُمُّ: (المَجلِسُ حَريمُ العَقدِ ولَه حُكمُه في الابتِداءِ).
2- قاعِدةُ: (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها
[5349] يُنظر فُروعٌ أُخرى في قاعِدةِ: (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ). :
1- يَجوزُ للبائِعِ أن يَزيدَ مِقدارَ المَبيعِ بَعدَ العَقدِ، ويَضُمَّ إليه شَيئًا آخَرَ في مَجلِسِ العَقدِ إذا قَبِلَه المُشتَري في المَجلسِ، كما أنَّه يَجوزُ للمُشتَري في بَعضِ الأحيانِ أن يَطرَحَ مِنَ المَبيعِ، سَواءٌ أكانت زيادةُ البائِعِ مِن جِنسِ المالِ أم لا؛ لأنَّ للبائِعِ حَقَّ التَّصَرُّفِ في نَفسِه ومِلكِه، وتَلتَحِقُ هذه الزِّيادةُ بأصلِ العَقدِ، وكَأنَّه وقَعَ على الأصلِ والزِّيادةِ، فإذا قَبلَ المُشتَري في مَجلِسِ الزِّيادةِ كان له حَقُّ المُطالَبةِ بتلك الزِّيادةِ، ولا تُفيدُ نَدامةُ البائِعِ، وأمَّا إذا لم يَقبَلِ المُشتَري تلك الزِّيادةَ في مَجلِسِ الزِّيادةِ، وقَبِلَها في مَجلسٍ آخَرَ، فلا يُجبَرُ البائِعُ على تَسليمِ تلك الزِّيادةِ للمُشتَري
[5350] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (5/2558)، ((مجلة الأحكام العدلية)) (ص: 52)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/239). .
2- للمُشتَري أن يَزيدَ في الثَّمَنِ بَعدَ العَقدِ، فإذا قَبلَ البائِعُ تلك الزِّيادةَ في ذلك المَجلسِ كان له حَقُّ المُطالَبةِ بها، ولا تُفيدُ نَدامةُ المُشتَري، وأمَّا لو قَبِلَ بَعدَ ذلك المَجلسِ فلا يُعتَبَرُ قَبولُه حينَئِذٍ. فمَثلًا لو بيعَ حَيَوانٌ بألفٍ، ثُمَّ بَعدَ العَقدِ قال المُشتَري للبائِعِ: زِدتُك مِائَتَينِ. وقَبِلَ البائِعُ في ذلك المَجلسِ، أخَذَ المُشتَري الحَيَوانَ المُبتاعَ بألفٍ ومِائَتَينِ، وأمَّا إذا لم يَقبَلِ البائِعُ في ذلك المَجلسِ بَل قَبِلَ بَعدَه فلا يُجبَرُ المُشتَري على دَفع المِائَتَينِ التي زادَها
[5351] يُنظر: ((مجلة الأحكام العدلية)) (ص: 52)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/240). .
3- إذا دَفَعَ إلى رَجُلٍ ثَوبًا ليَبيعَه، ففعَلَ، فوَهَبَ له المُشتَري قُماشًا، فالقُماشُ لصاحِبِ الثَّوبِ؛ لأنَّ هِبةَ القُماشِ سَبَبُها البَيعُ، فكان القُماشُ زيادةً في الثَّمَنِ، والزِّيادةُ في مَجلِسِ العَقدِ تُلحَقُ به
[5352] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (7/255)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (13/563). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.استِثناءاتٌ:يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ صورةُ السَّلَمِ -وهو بَيعُ شَيءٍ مَوصوفٍ مُؤَجَّلٍ بثَمَنٍ مُعَجَّلٍ-؛ فلا تَجوزُ الزِّيادةُ في المُسَلَّمِ فيه؛ لأنَّه مَعدومٌ حَقيقةً، وقد جُعِلَ مَوجودًا في الذِّمَّةِ؛ لحاجةِ المُسلمِ إليه، والزِّيادةُ في المُسَلَّمِ فيه لا تَدفعُ حاجةَ المُسَلَّمِ إليه، بَل تَزيدُ تلك الحاجةَ؛ فلذلك لا تَجوزُ تلك الزِّيادةُ
[5353] يُنظر: ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/239). .
بخِلافِ ما إذا زادَ رَبُّ السَّلَمِ في رَأسِ المالِ، وكانتِ الزِّيادةُ في مَجلِسِ العَقدِ، وقَبِلَها المُسَلَّمُ إليه في المَجلسِ أيضًا، وقَبَضَها، فهيَ صَحيحةٌ ولازِمةٌ
[5354] يُنظر: ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/419). .