موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: العِبرةُ في العُقودِ بما في نَفسِ الأمرِ لا بما في ظَنِّ المُكَلَّفِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "العِبرةُ في العُقودِ بما في نَفسِ الأمرِ لا بما في ظَنِّ المُكَلَّفِ" [5287] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) (10/352)، ((الفتاوى الفقهية الكبرى)) (3/69) كلاهما لابن حجر الهيتمي، ((حاشية الشرواني على تحفة المحتاج)) (7/236)، ((فتح المعين)) للمعبري (ص: 462)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (8/378)، ((إعانة الطالبين)) للدمياطي (3/368)، ((نهاية الزين)) للجاوي (ص: 225)، ((الأسئلة والأجوبة الفقهية)) للسلمان (5/58). ، وصيغةِ: "الاعتِبارُ في العُقودِ بما في نَفسِ الأمرِ لا بما في ظَنِّ المُكَلَّفِ" [5288] يُنظر: ((فتح المعين)) للمعبري (ص: 319)، ((إعانة الطالبين)) للدمياطي (3/12)، ((الأسئلة والأجوبة الفقهية)) للسلمان (5/89). ، وصيغةِ: "الاعتِبارُ في المُعامَلاتِ بما في نَفسِ الأمرِ لا بما في ظَنِّ المُكَلَّفِ" [5289] يُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/14)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (7/321)، ((نيل المآرب)) لابن أبي تغلب (1/333)، ((كشف المخدرات)) للبعلي (1/363). ، وصيغةِ: "العِبرةُ في المُعامَلاتِ بما في نَفسِ الأمرِ" [5290] يُنظر: ((حاشية العبادي على الغرر البهية)) (3/145)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (8/164). ، وصيغةِ: "العِبرةُ في العُقودِ -لعَدَمِ احتياجِها لنيَّةٍ- بما في نَفسِ الأمرِ فحَسبُ" [5291] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/249). ، وصيغةِ: "المَدارُ في العُقودِ على ما في نَفسِ الأمرِ لا على ما في ظَنِّ المُكَلَّفِ" [5292] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/107). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ العِبرةَ في العُقودِ بما في نَفسِ الأمرِ؛ لأنَّ العُقودَ لا تَحتاجُ إلى نيَّةٍ، فإذا تَصَرَّف الإنسانُ في شَيءٍ يَظُنُّه مِلكَه، أو يَظُنُّه وكيلًا، ثُمَّ بَعدَ التَّصَرُّفِ قد يَتَبَيَّنُ أنَّه ليس بمالِكٍ وليس بوكيلٍ، فالتَّصَرُّفُ غَيرُ صَحيحٍ، وإن كان الأمرُ بالعَكسِ بأن تَصرَّف ظانًّا أنَّه غَيرُ مالكٍ ولا وكيلٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أنَّه مالِكٌ أو وكيلٌ، فالتَّصَرُّفُ صَحيحٌ [5293] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/249)، ((موسوعة الفقه الإسلامي)) لمحمد التويجري (2/314)، ((القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير)) لعبد الرحمن آل عبد اللطيف (1/456). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بقاعِدةِ: (لا عِبرةَ بالظَّنِّ البَيِّنِ خَطَؤُهـ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا باعَ إنسانٌ أرضًا يَظُنُّها أرضَه، أو باع بَيتًا يَظُنُّه بَيتَه، أو باع سَيَّارةً يَظُنُّها سَيَّارَتَه، فالعِبرةُ بما نَفسِ الأمرِ، فهذه الأرضُ أوِ السَّيَّارةُ التي باعَها، هَل هيَ له، أو ليسَت له؟ فإن كانت ليسَت له فإنَّه لا يَصِحُّ. وبالعَكسِ لو باعَ شَيئًا وهو يَظُنُّ أنَّه لا يَملكُه، ثُمَّ بَعدَ ذلك تَبَيَّنَ أنَّه يَملكُه، فإنَّ العَقدَ صَحيحٌ؛ لأنَّ العِبرةَ بما في نَفسِ الأمرِ [5294] يُنظر: ((شرح القواعد السعدية)) لعبدالمحسن الزامل (ص: 266). ويُنظر أيضًا: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/9). .
2- لو باعَ شَخصٌ سِلعةَ شَخصٍ، ولَم يوكِّلْه هذا الشَّخصُ في بَيعِه، فالأصلُ أنَّ العَقدَ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ العَقدَ ليس مِنَ المالكِ ولا مَن يَقومُ مَقامَ المالكِ، لكِن إذا تَبَيَّنَ أنَّ المالكَ قد وكَّلَه في البَيعِ فإنَّ البَيعَ صَحيحٌ اعتِبارًا بما في نَفسِ الأمرِ؛ فإنَّه يُملِكُ العَقدَ على هذه السِّلعةِ نيابةً [5295] يُنظر: ((العقد الثمين)) لخالد المشيقح (ص: 132). ويُنظر أيضًا: ((كشاف القناع)) للبهوتي (8/413). .
3- لا يَصِحُّ رَهنُ مالِ الغَيرِ بغَيرِ إذنِه؛ لأنَّه لا يَصِحُّ بَيعُه، ولا يَقدِرُ على تَسليمِه، ولا على بَيعِه في الدَّينِ، فلم يَجُزْ رَهنُه، كالطَّيرِ الطَّائِرِ، والحَيَوانِ الشَّارِدِ. فإن رَهَنَ إنسانٌ شَيئًا يَظُنُّه لغَيرِه، ثُمَّ تَبَيَّنَ أنَّه لأبيه، وأنَّه قد ماتَ، وصارَ مِلكًا له بالميراثِ، صَحَّ الرَّهنُ؛ إذِ العِبرةُ في المُعامَلاتِ بما في نَفسِ الأمرِ [5296] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (8/164)، ((الفقه الإسلامي وأدلتهـ)) لوهبة الزحيلي (6/4235). .

انظر أيضا: