موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الأوَّلُ: المُستَثنَياتُ غَيرُ المَعقولةِ المَعنى


والمُرادُ أنَّها غَيرُ مَعقولةِ المَعنى لنا، وليس أنَّها غَيرُ مَعقولةٍ أصلًا، فذلك لا يُناسِبُ حِكمةَ اللهِ تَعالى؛ لأنَّه لا يُشَرِّعُ الأحكامَ إلَّا لحِكَمٍ بالِغةٍ ومَعانٍ عَظيمةٍ، سَواءٌ أكانَت أحكامًا أصليَّةً أوِ استِثناءً مِن قَواعِدَ.
قال القَرافيُّ: (لصاحِبِ الشَّرعِ أن يَضَعَ في شَرعِه ما شاءَ، ويَستَثنيَ مِن قَواعِدِه ما شاءَ، هو أعلَمُ بمَصالِحِ عِبادِهـ) [456] ((الفروق)) (4/ 107). ، وأيضًا كما قال ابنُ القَيِّمِ: (ليس في الشَّريعةِ حُكمٌ واحِدٌ إلَّا ولَه مَعنًى وحِكمةٌ، يَعقِلُه مَن عَقَلَه، ويَخفى على مَن خَفيَ عليهـ) [457] ((إعلام الموقعين)) (2/ 363). .
ومِن أمثِلةِ ذلك:
قاعِدةُ (ما كانَ أكثَرَ فِعلًا كانَ أكثَرَ فضلًا) [458] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 143). : فالعِبادةُ يَكثُرُ فضلُها وثَوابُها بحَسَبِ كَثرةِ أفعالِها، واستَثنَوا مِنها: الجَمعُ بَينَ المَضمَضةِ والِاستِنشاقِ بثَلاثِ غَرفاتٍ أفضَلُ مِنَ الفَصلِ بَينَهُما بحَيثُ يَكونانِ بسِتِّ غَرفاتٍ، ومِنها قَصرُ الصَّلاةِ في حالِ تَوافُرِ شَرطِه أفضَلُ مِنَ الإتمامِ، ومِنها تَخفيفُ رَكعَتَي الفَجرِ أفضَلُ مِن تَطويلِهِما، فهيَ مَسائِلُ مُستَثناةٌ غَيرُ مَعقولةِ المَعنى، والعُمدةُ في استِثنائِها وُرودُ النُّصوصِ الشَّرعيَّةِ بتَفضيلِها مَعَ قِلَّةِ الفِعلِ فيها [459] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 144). .

انظر أيضا: