موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّاني: إذا استُعمِلَ لفظٌ مَوضوعٌ لعَقدٍ في عَقدٍ آخَرَ، هَل العِبرةُ باللَّفظِ أم بالمَعنى؟


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "إذا استُعمِلَ لفظٌ مَوضوعٌ لعَقدٍ في عَقدٍ آخَرَ، هَل العِبرةُ باللَّفظِ أم بالمَعنى؟" [4841] يُنظر: ((المجموع المذهب)) للعلائي (1/171)، ((القواعد)) للحصني (1/401). ، وصيغةِ: "كُلُّ لفظةٍ كانت خالصةً لعَقدٍ حُمِلَ إطلاقُها عليه، فإن وُصِل بها ما يُنافي مُقتَضاه بطَلَ" [4842] يُنظر: ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (11/105)، ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/347)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/21). ، وصيغةِ: "اللَّفظُ المَوضوعُ للعَقدِ إذا وُجِدَ مَعَه ما يُنافيه بَطَل؛ للتَّهافُتِ" [4843] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/127). ، وصيغةِ: "إذا وُصِلَ بألفاظِ العُقودِ ما يُخرِجُها عن مَوضوعِها، فهَل يَفسُدُ العَقدُ بذلك أو يُجعَلُ كِنايةً عَمَّا يُمكِنُ صِحَّتُه على ذلك الوَجهِ؟ فيه خِلافٌ يَلتَفِتُ إلى أنَّ المُغَلَّبَ هَل هو اللَّفظُ أوِ المَعنى؟" [4844] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/244). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ كُلَّ لفظةٍ كانت خالصةً لعَقدٍ حُمِلَ إطلاقُها عليه، وإذا استُعمِلَ لفظٌ مَوضوعٌ لعَقدٍ مُعَيَّنٍ خاصٍّ به، في عَقدٍ آخَرَ غَيرِه، فقدِ اختَلَف فيه الفُقَهاءُ: هَل العِبرةُ باللَّفظِ أم بالمَعنى؟ ويَظهَرُ الخِلافُ في الفُروعِ [4845] يُنظر: ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (11/105)، ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/347)، ((المجموع المذهب)) للعلائي (1/171)، ((القواعد)) لابن رجب (1/244)، ((القواعد)) للحصني (1/401). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (العِبرةُ في العُقودِ للمَقاصِدِ والمَعاني لا للألفاظِ والمَباني)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّه إذا استُعمِلَ لفظٌ مَوضوعٌ لعَقدٍ في عَقدٍ آخَرَ، فعلى أحَدِ القَولَينِ: العِبرةُ بالمَعنى؛ بناءً على أنَّ العِبرةَ في العُقودِ للمَقاصِدِ والمَعاني لا للألفاظِ والمَباني.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ: (العِبرةُ في العُقودِ للمَقاصِدِ والمَعاني لا للألفاظِ والمَباني).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا قال: بعتُك بلا ثَمَنٍ. لم يَنعَقِدْ بَيعًا، نَظَرًا إلى اللَّفظِ. وهَل يَنعَقِدُ إباحةً أو هبةً نَظَرًا إلى المَعنى؟ قَولانِ. واختُلِف في الرَّاجِحِ مِنهما [4846] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/347)، ((المجموع المذهب)) للعلائي (1/171)، ((المنثور)) للزركشي (3/127)، ((القواعد)) للحصني (1/402). .
2- إذا قال: قارَضتُك على أنَّ الرِّبحَ كُلَّه لك، فالصَّحيحُ أنَّه قِراضٌ فاسِدٌ؛ لأنَّها لفظةٌ خالصةٌ لعَقدِ القِراضِ الذي مُقتَضاه الاشتِراكُ في الرِّبحِ، فإذا وصَلَ بها قَولَه: على أنَّ الرِّبحَ كُلَّه لك، فسَدَ؛ لمُنافاةِ ذلك لمُقتَضاه، وقيلَ: قِراضٌ صَحيحٌ؛ نَظَرًا إلى المَعنى [4847] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/347)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/21). .
3- إذا عُقِدَ على مُعَيَّنٍ بلَفظِ السَّلَمِ (وهو بَيعُ شَيءٍ مَوصوفٍ مُؤَجَّلٍ بثَمَنٍ مُعَجَّلٍ)، مِثلُ: أسَلمتُ إليك هذه الدَّراهمَ في هذا الشَّيءِ، لم يَنعَقِدْ سَلَمًا قَطعًا. وهَل يَنعَقِدُ بَيعًا؛ نَظَرًا إلى المَعنى، أو لا يَصِحُّ؛ لاختِلالِ اللَّفظِ؟ فيه وَجهانِ [4848] يُنظر: ((المجموع المذهب)) للعلائي (1/171)، ((القواعد)) للحصني (1/402). .
4- إذا عُقِدَ بلَفظِ الإجارةِ على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ؛ فمَن نَظَرَ إلى اللَّفظِ أجرى حُكمَ الإجارةِ، فلم يَعتَبِرْ قَبضَ الأُجرةِ في المَجلسِ، ومَن نَظَر إلى أنَّ مَعناه مَعنى السَّلَمِ اعتَبَرَ قَبضَ الأُجرةِ في المَجلسِ [4849] يُنظر: ((المجموع المذهب)) للعلائي (1/173)، ((القواعد)) للحصني (1/407). .

انظر أيضا: