موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: القَضاءُ بالمَجهولِ باطِلٌ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "القَضاءُ بالمَجهولِ باطِلٌ" [4771] يُنظر: ((الاختيار)) لابن مودود الموصلي (2/116). ، وصيغةِ: "القَضاءُ بالمَجهولِ لا يَصِحُّ" [4772] يُنظر: ((روضة القضاة)) لابن السمناني (2/910). ، وصيغةِ: "القَضاءُ بالمِلكِ للمَجهولِ لا يَجوزُ" [4773] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (14/165). ، وصيغةِ: "الدَّعوى بالمَجهولِ فاسِدةٌ" [4774] يُنظر: ((الفرائد البهية)) لمحمود حمزة (ص: 70). ، وصيغةِ: "القَضاءُ بالمَجهولِ غَيرُ مُمكِنٍ" [4775] يُنظر: ((البناية)) للعيني (11/ 236)، ((لسان الحكام)) لابن الشحنة (ص: 307). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الحُكمُ بمِلكيَّةِ الشَّيءِ لا يَكونُ إلَّا لمالكٍ مُعَيَّنٍ وبشَيءٍ مُعَيَّنٍ، فلا يُمكِنُ للقاضي الحُكمُ بمِلكيَّةِ شَيءٍ ما إذا كان الشَّخصُ المُدَّعي للمِلكيَّةِ أوِ الشَّيءُ المُدَّعى مَجهولًا أو غَيرَ مُحَدَّدٍ، فالمِلكيَّةُ في الإسلامِ تُبنى على مَعرِفةِ المالكِ والشَّيءِ المَملوكِ، والجَهالةُ بهذه المَعرِفةِ تَجعَلُ القَضاءَ بالمِلكِ باطِلًا وغَيرَ جائِزٍ [4776] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (14/165). .
ثالثًا: أدلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالمَعقولِ:
فلا تَصِحُّ دَعوى مَجهولٍ؛ لأنَّ القَصدَ بالحُكمِ فصلُ الحُكومةِ والتِزامُ الحَقِّ، ولا يُمكِنُ ذلك في المَجهولِ [4777] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/ 411)، ((تكملة المطيعي الأولى على المجموع)) (20/ 187). .
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تحتَ هذه القاعِدةِ بعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، منها:
1- إن أقامَ البَيِّنةَ أنَّ لفُلانٍ نَصيبًا مِنَ الدَّارِ ولَم يُبَيِّنْ كَم هو، لَم يُقضَ له بالشُّفعةِ [4778] الشُّفعَة هيَ: انتِزاعُ الإنسانِ حِصَّةَ شَريكِه مِن مُشتَريها بمِثلِ ثَمَنِها. يُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (2/232). ؛ لأنَّ القاضيَ لا يَتَمَكَّنُ مِنَ القَضاءِ بالمَجهولِ، فالنَّصيبُ المَشهودُ به مَجهولٌ، وما لَم يُقضَ له بالمِلكِ في الدَّارِ، أو في بَعضِها، فلا يَتَمَكَّنُ مَعَه مِنَ القَضاءِ بالشُّفعةِ [4779] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (14/163). .
2- لَو قال: أظُنُّ أنَّ لي عليه ألفًا، فقال الآخَرُ: أظُنُّ أنِّي قَضَيتُه. لَم يُقضَ عليه بشَيءٍ لتَعَذُّرِ القَضاءِ بالمَجهولِ؛ إذ كُلٌّ مِنهما شاكٌّ في وُجوبِ الحَقِّ له أو عليه، فلَيسَ القَضاءُ بقَولِ المُدَّعي بأولى مِنَ القَضاءِ بقَولِ الآخَرِ [4780] يُنظر: ((إدرار الشروق)) لابن الشاط (4/117). .
3- إذا ماتَ رَجُلٌ ولا يُعلَمُ له وارِثٌ فجاءَ رَجُلٌ وادَّعى أنَّه وارِثُه لَم تُسمَعِ الدَّعوى حَتَّى يُبَيِّنَ سَبَبَ الإرثِ؛ لجَوازِ أن يَعتَقِدَ أنَّه وارِثٌ بسَبَبٍ لا يورَثُ به [4781] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/ 487). .

انظر أيضا: