موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّاني: كُلُّ يَدٍ ضامِنةٍ يَجِبُ على رَبِّها مُؤنةُ الرَّدِّ بخِلافِ ما إذا كانت يَدَ أمانةٍ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ يَدٍ ضامِنةٍ يَجِبُ على رَبِّها مُؤنةُ الرَّدِّ بخِلافِ ما إذا كانت يَدَ أمانةٍ " [4723] يُنظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (2/464). ، وصيغةِ: ""مَن كان ضامِنًا لعَينٍ فمُؤنةُ رَدِّها عليه" [4724] يُنظر: ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (3/216). ، وصيغةِ: "كُلُّ يَدٍ كانت يَدَ ضَمانٍ وجَبَ على صاحِبِها مُؤنةُ الرَّدِّ، وإن كانت يَدَ أمانةٍ فلا" [4725] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/ 329)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (1/ 539). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
كُلُّ مَن كانت يَدُه يَدَ ضَمانٍ على مالٍ يَخُصُّ غَيرَه، فإنَّه يَتَحَمَّلُ تَكاليفَ إعادةِ هذا المالِ إلى صاحِبه على حالِه، ويَتَوجَّبُ عليه ضَمانُه إذا تَلِف أو نَقَصَ أو ضاعَ، ويَكونُ مَسؤولًا عَن جَميعِ التَّكاليفِ المُتَعَلِّقةِ برَدِّ المالِ إلى صاحِبِه، أمَّا إذا كانتِ اليَدُ يَدَ أمانةٍ، فإنَّ صاحِبَها لا يَضمَنُ المالَ إذا تَلف دونَ تَفريطٍ أو تَعَدٍّ، ولا يَتَحَمَّلُ تَكاليفَ رَدِّه إلى صاحِبِه إن كان رَدُّه يَحتاجُ إلى تَكاليفَ ومُؤنةٍ [4726] يُنظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (2/464)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/375)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/56)، ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (3/216). .
ثالثًا: أدلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ على هذه القاعِدةِ بالمَعقولِ:
فالإعارةُ مَثَلًا نَوعُ برٍّ ومَعروفٍ، فلَو لَم تُجعَلْ مُؤنةُ الرَّدِّ على المُستَعيرِ لامتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الإعارةِ [4727] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (5/ 376). .
كما أنَّ رَدَّه على المُستَعيرِ؛ لأنَّ نَفعَه له فكان رَدُّه عليه [4728] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) (4/ 209). .
ويُستَدَلُّ أيضًا بقياسِ مُؤنةِ الرَّدِّ على النَّفقةِ، فإنَّ نَفقةَ المُستَعارِ على المُستَعيرِ، وهو ضامِنٌ، فكَذلك مُؤنةُ الرَّدِّ [4729] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) (4/ 209). .
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- مَن غَصَبَ شَيئًا فإن كان باقيًا بحالَتِه فعليه رَدُّه إلى صاحِبِه وعليه مُؤنةُ الرَّدِّ إن كان لرَدِّه مُؤنةٌ [4730] يُنظر: ((مختصر القدوري)) (ص: 122)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (7/136). .
2- إذا فُسِخَ البَيعُ بعَيبٍ أو غَيرِه كانت مُؤنةُ رَدِّ المَبيعِ بَعدَه إلى مَحَلِّ قَبضِه على المُشتَري [4731] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (4/285)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (2/464)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/375)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/56). .
3- إذا أقال البائِعُ المُشتَريَ وبَقيَ المَبيعُ في يَدِه مُدَّةً فإنَّ مُؤنةَ رَدِّ المَبيعِ على البائِعِ لا على المُشتَري؛ لأنَّ يَدَ المُشتَري صارَت يَدَ أمانةٍ لحُصولِه في يَدِه بغَيرِ تَعَدِّيه [4732] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (7/508). .
4- مُؤنةُ رَدِّ العَينِ المُستَأجَرةِ على المُؤَجِّرِ لا على المُستَأجِرِ؛ لأنَّ يَدَ المُستَأجِرِ يَدُ أمانةٍ [4733] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (7/132)، ((المهذب)) للشيرازي (2/255). .
5- اللُّقَطةُ إن عَرَف الواجِدُ صاحِبَها وجَبَ عليه إعلامُه بها، ثُمَّ يُنظَرُ فإن كان ذلك قَبلَ تَمَلُّكِها فمُؤنةُ رَدِّها على صاحِبِها دونَ الواجِدِ كالوديعةِ، فإن كان قَصَدَ أن يَتَمَلَّكَها الواجِدُ فمُؤنةُ رَدِّها عليه دونَ صاحِبِها لبَقائِها على مِلكِه ما لَم تَصِلْ إلى يَدِ صاحِبِها [4734] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (8/15). .

انظر أيضا: